227

মুখতাসার সাওয়াইক মুরসালা

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

সম্পাদক

سيد إبراهيم

প্রকাশক

دار الحديث

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

প্রকাশনার স্থান

القاهرة - مصر

জনগুলি

صَادَفَ قَلْبًا فَارِغًا خَالِيًا قَابِلًا لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ الْخَيْرُ الَّذِي يَمْنَعُ ضِدَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الشَّرِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: ٢٤]، وَقَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ - إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٢ - ٨٣]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ - إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤١ - ٤٢] وَالْإِخْلَاصُ خُلُوصُ الْقَلْبِ مَنْ تَأَلُّهِ مَنْ سِوَى اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، فَخَلَصَ لِلَّهِ، فَلَمْ يَتَمَكَّنِ الشَّيْطَانُ مِنْ إِغْوَائِهِ، وَأَمَّا إِذَا صَادَفَهُ فَارِغًا مِنْ ذَلِكَ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِحَسْبِ فَرَاغِهِ وَخُلُوِّهِ، فَيَكُونُ جَعْلُهُ مُذْنِبًا مُسِيئًا فِي هَذِهِ الْحَالِ عُقُوبَةً عَلَى عَدَمِ الْإِخْلَاصِ وَهَذَا مَحْضُ الْعَدْلِ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَذَلِكَ الْعَدَمُ مَنْ خَلَقَهُ فِيهِ؟ قُلْتُ: هَذَا سُؤَالٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ الْعَدَمَ كَاسْمِهِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى تَعَلُّقِ التَّكْوِينِ وَالْإِحْدَاثِ بِهِ، فَإِنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ لَيْسَ أَمْرًا وُجُودِيًّا حَتَّى يُضَافَ إِلَى الْفَاعِلِ، بَلْ هُوَ شَرٌّ مَحْضٌ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَى الرَّبِّ ﵎، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَدِيثِ الِاسْتِفْتَاحِ: " «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» "، وَكَذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: " «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» ".
وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنْ تَسَلُّطَ الشَّيْطَانِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، فَلَمَّا تَوَلَّوْهُ دُونَ اللَّهِ وَأَشْرَكُوهُ مَعَهُ عُوقِبُوا عَلَى ذَلِكَ بِتَسْلِيطِهِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةُ وَالْإِشْرَاكُ عُقُوبَةَ خُلُوِّ الْقَلْبِ وَفَرَاغِهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَالْإِنَابَةِ الْعَاصِمَةِ مِنْ ضِدِّهَا، فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ إِخْلَاصَ الدِّينِ يَمْنَعُ مِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ، لِأَنَّ فِعْلَ السَّيِّئَاتِ الَّتِي تُوجِبُ الْعَذَابَ، فَإِخْلَاصُ الْقَلْبِ لِلَّهِ مَانِعٌ لَهُ مِنْ فِعْلِ مَا يُضَادُّهُ، وَإِلْهَامُهُ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى ثَمَرَةُ هَذَا الْإِخْلَاصِ وَنَتِيجَتُهُ، وَإِلْهَامُ الْفُجُورِ عُقُوبَةُ خُلُوِّهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا التَّرْكُ إِنْ كَانَ أَمْرًا وُجُودِيًّا عَادَ السُّؤَالُ: وَإِنْ كَانَ أَمْرًا عَدَمِيًّا فَكَيْفَ يُعَاقَبُ عَلَى الْعَدَمِ؟ قُلْتُ: لَيْسَ هُنَا تَرْكٌ هُوَ كَفُّ النَّفْسِ وَمَنْعُهَا عَمَّا تُرِيدُهُ وَتُحِبُّهُ فَهَذَا

1 / 242