الرجل المقدس نبوءة العقل، والصديق أمل القلب. وإنما يبلغ المرء منتهى الغبطة إذا تحقق هذان في رجل واحد. والعصور تفتح هذه القوة المعنوية. وكل قوة ظل أو رمز لها. والشعر بهيج قوي؛ لأنه يستمد وحيه منها. ويكتب الناس أسماءهم في الدنيا بمقدار ما لديهم منها. كان التاريخ شحيحا، وأممنا جماهير، ولم نر قط رجلا: تلك الصورة المقدسة لم نعرفها بعد، وإنما نعرف حلما منها أو نبوءة. إننا لا نعرف الصفات الجليلة التي تتصف بها، التي تهدئ الرائي وتسمو به. ولسوف نرى يوما أن أخص الطاقات أعمها، وأن النوع يكفر عن الكم، وأن جلال الشخصية يعمل في الظلام، ويعين من لم يره قط. وما ظهر حتى الآن من عظمة إنما هو بداية وتشجيع لنا في هذا الاتجاه.
إن تاريخ أولئك الآلهة والقديسين الذي دونه العالم، ثم عبده، إنما هو وثائق تدل على الشخصية. لقد ابتهجت العصور بآداب شاب لم ينل من الحظ شيئا، وقد شنق تحت مقصلة بلاده، شاب ألقى بمجرد نوع طبيعته جلالا مسرحيا حول وقائع موته التي حولت كل دقيقة إلى رمز عالمي أمام أعين البشر. هذه الهزيمة الكبرى هي أعظم الوقائع لدينا حتى اليوم. بيد أن العقل يتطلب نصرا للحواس، أو قوة شخصية تحول القاضي والمحكم والجندي والملك، قوة تتحكم في خواص الحيوان والمعادن، وتختلط بمسير عصارة النبات، والأنهار، والرياح والنجوم، والقوى المعنوية.
وإذا لم نستطع أن نبلغ طرفا من هذا الجلال، فدعنا على الأقل ندين له بالولاء.
إن المزايا العظمى - في المجتمع - تحسب على صاحبها مثالب. ويتطلب الأمر منا عناية كبرى في تقديرنا الخاص. وأنا لا أعفو عن أصدقائي إذا هم فشلوا في معرفة الشخصية الرقيقة، وفي تحيتها بالكرم وعرفان الجميل. إننا إذا جاءنا في النهاية ما كنا نتمنى دائما، وأشرق علينا بأشعة بهيجة من تلك البقعة السماوية البعيدة، إننا إذا جاءنا ذلك وكنا بعدئذ جافين أو ناقدين، وعاملنا هذا الزائر بثرثرة الطرقات وريبتها، برهنا على سوقية تكاد تغلق أبواب السماء. إنما هذا خلط، وجنون تام، إذا كانت الروح لا تعرف قدرها. ولا تعرف من هو الجدير بولائها وإيمانها. وهل هناك دين غير أن يعرف المرء أن العاطفة المقدسة التي يعزها حينما تفتحت زهرتها في بيداء الوجود إنما تتفتح له؟ إذا كان لا يراها أحد، فهو يراها. وهو يدرك عظمة هذه الحقيقة، حتى إن كان في ذلك وحيدا. وطالما تكون الزهرة يانعة فإنه يجعل أيامه دينية وزمانه مقدسا. ويرجئ كآبته وحماقته وهزله. إن الطبيعة تنهمك في وجود هذا الضيف. وهناك أعين كثيرة تستطيع أن تتبين الفضائل الحكيمة المألوفة وتكرمها. وهناك كثيرون يستطيعون أن يفطنوا إلى العبقري وهو يسير في طريقه المرصع بالنجوم، حتى إن عجزت عن ذلك الجماهير، ولكن عندما تأتي إلى طرقاتنا وبيوتنا تلك المحبة التي تتحمل العناء، وتنكر الذات وتسمو في الطموح، وتؤثر لنفسها الشقاء والحماقة في هذه الدنيا، على أن تلوث يديها البيضاوين بالإذعان والخضوع، حينئذ لا يعرف وجهها إلا الأصفياء الطموحون، والتحية الوحيدة التي يستطيعون تقديمها هي الاعتراف بها.
الآداب
ما أقرب الجمال من الخير!
إنا لا نكاد نراه
حتى تذهل حواسنا
بتخطيطه وصورته الظاهرة. •••
أصلحوا أنفسكم،
অজানা পৃষ্ঠা