ولكن دعنا نترك ضحايا الغرور هؤلاء، ونلاحظ بأمل جديد كيف أن الطبيعة - بدوافع أكثر من ذلك قيمة - قد وكلت إلى إخلاص الشاعر مهمة التعبير والتأكيد، وذلك بجمال الأشياء، الذي يصبح بالتعبير عنه جمالا جديدا أرقى؛ فالطبيعة تهب كل مخلوقاتها له، يتخذها لغة تصويرية. ولما كانت هذه المخلوقات تتمازج، فإنها تكتسب قيمة عجيبة أخرى، أكبر كثيرا من قيمتها الأولى، كمنشار النجار، إذا أنت أعرته أذنا مصغية، ألفيت لصوته في النسيم موسيقى. يقول جامبليكس: «إن الأشياء التي تفوق كل صورة يعبر عنها بالصور.» إن الأشياء تسمح باستعمالها رموزا؛ لأن الطبيعة رمز بكليتها وبكل جزء فيها. كل سطر يمكن أن نخطه في الرمال له تعبير، وليس هناك جسم بغير روح أو عبقرية. كل شكل أثر من آثار صفاته، وكل ظرف أثر من آثار صفة الحياة، وكل انسجام من آثار الصحة (ومن أجل هذا يجب أن ينطوي إدراك الجمال على العطف، وأن يختص بالخير فقط). الجمال يرتكز على أسس الضرورات. والروح تخلق الجسد، أو كما يعلمنا سبنسر الحكيم بقوله:
إن كل روح لأنها أطهر،
وفيها من ضوء السماء أكثر،
توجد الجسم الرقيق لتسكنه،
وتكتسي كساء جميلا،
فتبدو رشيقة جميلة،
منظرها محبب إلى النفوس؛
لأن الجسم يتخذ من الروح صورته،
فالروح صورة، وهي التي تخلق الجسد.
وعلى حين غرة لا نجد أنفسنا متأملين ناقدين، وإنما نحن في مكان مقدس، ويجب أن نسير في حذر شديد وفي وقار. إننا نقف أمام سر الدنيا ، حيث يتحول الوجود إلى مظاهر، والوحدة إلى تنوع.
অজানা পৃষ্ঠা