186

وكذلك كان البكاء نقمة، فأبى خطبك إلا أن يحيله نعمة أي نعمة!

هذه شعبة من قلبي قد انخلعت لموتك، ولعلها دفنت معك، وما لها لا تفعل؟ وقد كنت بعضي وكنت بعضك؟ فإذا أنا بكيتك فقد «بكى بعضي على بعضي معي»، فاعجب لمن جمع بين الموت والحياة، ومن تقسمت هذه الأرض شطريه: هذا يدب على متنها، وهذا مدرج في بطنها!

وإذا كان المرء تاريخا وذكرى، فخبرني يا حافظ كيف أصنع بسبع وعشرين سنة، هي في مساحة العمر ملاعب الصبا، وهي بين أشواك الحياة أزهار الربى؟

وها هي ذي لقد أضحت مبعث الأسى والشجن، ومثار اللوعة والحزن، وهكذا الدهر إذا أسعد وأنعم، أبى إلا أن يحيل شهده إلى صاب

3

وعلقم!

يا حافظ! أين أنت؟ إني لأطلبك في كل مكان فلا أصيبك، وكيف وقد كنت يا حافظ ملء كل مكان؟ هذي يدي لقد أصبحت منك صفرا، وهذي نفسي لقد أمست من داعيات العيش قفرا:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

يا حافظ! أين أنت، وكيف صنعت؟ وأين ذهب ذلك الود الذي ظللنا نجمعه جمع الشحيح للمال، في مدى سبع وعشرين سنة، ونحرص عليه حرص الكريم على وليده، وندلله تدليل الشيخ الفاني لوحيده، أتراه قد تبدد كله بضربة من الموت واحدة؟ فحق فينا قول متمم بن نويرة في أخيه:

অজানা পৃষ্ঠা