أن قد فهمت، وعندكم عقلي
وكيف لي بهذا وأنا في أعظم شغل من رجفان القلب وضربانه، ومن عين شائعة بين يدي السائق والترام المقبل من هنا، والسيارة المنطلقة كالسهم من هنا، وهذا الغلام الذي يحجل بين يدي العجل من هنا، وهذا الحافي راكب الدراجة يعترض السيارة في تمام سرعتها، فيلوح لسائقها بيسراه ليتلبث حتى يقطع هو (بسلامته) الطريق، وغير هذا من ألوان العذاب الأليم والبلاء المحيق!
أما الساقة فوالله ما أدري ما حظ أكثرهم الكثير في أن يطيروا بك على أديم الأرض طيرا، وإني لأسأل الرجل منهم أن يتريث فلا يسمع، وإذا فعل طوعا لرجائي أو لزجري فلثانية أو اثنتين، ثم عاد أجرى وأسرع مما كان، وإني لأقول له: يا سيدي لست مستعجلا أمرا، والله ما أنا ذاهب لإطفاء حريق، ولا لإنقاذ غريق، صدقني والله ما أنا ماض لقيادة الجيش في المعركة الحاسمة، ولا أنا مدعو لتأليف الوزارة، ولا لشراء «النمرة» الرابحة في سباق الدربي، كل هذا ولا حياة لمن تنادي!
ولقد قلت لسواق مرة، وقد عناني في هذا الباب أمره: أتعلم يا سيدي أنك بإسراعك هذا ستفقدني مائة جنيه كاملة! فقال لي: وكيف هذا؟ قلت: إني خاطرت صديقا على أن من يسبق منا إلى الموعد يدفع لصاحبه مائة! فأشفق على مالي، وليت الخنزير لم يفعل، فلقد أقبل علي وولى الطريق قفاه، وجعل يلقي علي محاضرات شائقة في مضار المراهنات!
وآخر، لقد أسرع بي وأنفي راغم إسراعا مرعبا، فسكت وأسلمت أمري لله، وبعد لأي، إذ افترقت مسالك السبل، التفت إلي وقال: أين البيت؟ قلت: أفجاد أنت في أنك ذاهب بي إلى البيت؟ قال: طبعا! قلت: والله يا أخي لحسبت أنك عدلت بي إلى قرافة المجاورين! •••
هذا حديثي مع السيارة، وهذه علاقتي بها، لعنة الله عليها، أما الطيارة، كان الله لراكبيها، فلم يلحقني ولن يلحقني منها بعون الله أي أذى، وكيف لها بذاك؟ ولو قد دعيت إلى ركوبها على أن تحلق بي إلى موطن إجابة الدعوة، أو تتقرى بي مسقط الغنم من ليلة القدر، فيكون لي ما شاء الله من العافية في النفس والولد، وطول العمر، وسعة الرزق، ونفوذ الكلمة، وبسطة السلطان؛ لآثرت ما أنا فيه من الجهد على كل تلك العافية!
إذن فأمر هذه الطيارة مفروغ منه عندي إلى غاية الزمان إن شاء الله، فإن بدا لولدي أو لحفدتي، إن كان يكون لي حفدة، فليفعلوا فلهم زمانهم!
ولكن هناك قدرا يرغمنا ولا نرغمه، ويلجمنا ولا نحكمه،
3
وإنه ليدعنا نصور ونفكر، وندبر ونقدر، وهو منا ضاحك وبنا مستهزئ! وإنا لنريد اليمين، فإذا هو يطرحنا إلى الشمال، وإنا لنطلب قدام، فإذا هو يركلنا
অজানা পৃষ্ঠা