رباه! ما هذا كله؟ أليس هذا كل ما كنا نتمثله في الشيخ إذا ضربته الخمسون؟
وما إن كاد يستوي لي هذا الخاطر المشئوم حتى أحسست أن نفسي تطير شعاعا،
11
وأن قلبي يتمشى في صدري، وأن كبدي تسيل مسالا، وأن ذهني قد تفرق عني فما أستطيع له جمعا! ... وإني لأستلقي على فراشي وأتحامل لأجمع بعضي على بعضي، وأصطاد ما ند عني من فكري، فما خرج لي من كل ما جمعت إلا أنني الشيخ صاحب الخمسين حقا، وأنها قد صنعت بي كل ما تصنع بسائر الناس!
إذن فقد ولى الشباب، فما له من رجعة ولا له من مآب!
أرأيت إلى التاجر يقدر مواتاة السوق ويطاول الأيام في انتظار الغني وإقبال الدنيا، وبينا هو في هذا حق سعيد بالثقة به والاطمئنان إليه، وإذا السوق ترجف رجفتها، وإذا نظرة واحدة في دفتره تؤذنه بأن قد أفلس؛ فقد ضاع السبد واللبد،
12
وإنه لن يشقى في الحياة شقاءه أحد! •••
يا ويلتاه! أكذلك يذهب الشباب قبل أن يجيء، ويدبر قبل أن يقبل ويودع قبل أن يسلم؟
يا عجبا للهلال يغشاه المحاق ولما يبلغ التمام، وللورد يلحقه الذبول ولما تتفتح عنه الأكمام!
অজানা পৃষ্ঠা