9 - وحدثني هارون بن ملول، قال:
لما مات أبي ورثت منه مالا جما ومستغلات نفيسة -وكان يقصرني على #19# زي التجار، ويمنعني من التخرق والسرف في الهيئة-، فعمدت إلى أثواب وشي سعيدي كانت في المتاجر التي خلفها والدي فقطعتها، وقطعت لخدم -أرتبطهم للتجارة- من الملحم والديباج ما لا يتسمح به أحد من أبناء الترفه وجلست في الوشي، وقام الغلمان بين يدي فيما قطعته لهم.
ووافانا إسحاق بن إبراهيم [بن تميم] مفتقدا، فتأملني فقال: ((لقد سرني بعد يتمتك وحسن زيك، بارك الله عليك، وأحسن إليك!)). ثم وافى جماعة من إخوان أبي وأصفيائه، فوالله ما أنكر علي واحد منهم ما خرجت إليه من زي أسلافي. فلما كان في عشي ذلك اليوم، وافاني رسول إسحاق بن تميم: ((عندي من لا تحتشمه، فتؤنس جماعتنا بحضورك؟ فقد أعجبني اليوم حسن زيك!)). فزدت في الخلعة وركبت، فلما دخلت إليه لم أفقد عنده أحدا من إخوان والدي. فلما توسطت الصحن ابتدرني الغلمان، وصاح بي إسحاق: ((تتوهم يا جاهل أن أباك مضى واسترحت! ولا تعلم أن أباك خلف لك هؤلاء الآباء بأسرهم يردونك عن الخطإ بأليم العقوبة، ولا يشفعون في مصلحتك من عظيم ما كان أبوك يرق عنه فيك؟)) ثم بطحت في وسط الدار، فصحت بهم: ((يا سادتي! والله ما قرعت قط بمقرعة!))، فقال إسحاق: ((ولا أتيت بمثل هذا الفعل!)). وضربت ضربا مبرحا، ولم ترفع المقرعة عني حتى حلفت لهم ألا أزيد على معرض والدي واقتصاده، فأقمت على هذا إلى اليوم)).
ومازال عنه إلى أن توفى.
পৃষ্ঠা ১৮