মুজতামাক মাদানি ওয়া থাকাফাত ইসলাহ
المجتمع المدني وثقافة الإصلاح: رؤية نقدية للفكر العربي
জনগুলি
والتطوير الاجتماعي عملية تتجاوز الأبعاد المادية للمجتمع في الزمان والمكان، لتشمل في كل واحد متكامل أبعاد العقل والحياة، إن التطوير الاجتماعي ثقافة أو موقف إنساني اجتماعي من الوجود، وهذا الموقف تجل لعناصر حياتية وعقلية ولاعقلية عديدة تتمثل في السلوكيات الاجتماعية والمهارات والخبرات النظرية والعملية والاتجاهات والأعراف والتقاليد والتنظيمات الرسمية والمؤسسات غير الرسمية والقيم الثقافية والمحددات اللغوية والمعلومات وأسلوب تناولها والتماسها ومعالجتها، وكذا العقائد وأنساق الفكر والقيم الروحية، إذ إن هذا كله يتفاعل معا ويؤثر في بعضه بعضا بحيث يؤثر في مسار التطور البشري في صياغة الإنسان/المجتمع، الموقف والفعل.
وحيث إن عملية التطوير هي فعل تكيف اجتماعي، أي إنتاجي، مادي وفكري، فإن المجتمع - ممثلا في مثقفيه ومفكريه - يعتمد بفضل جهد ذهني رفيع المستوى إلى استخلاص المبادئ الأساسية أو الأفكار من حصاد خبراته، وحصاد التفاعلات الاجتماعية والمعلومات المتراكمة، ويصوغ هذا كله بفضل قوة تنظيم الأفكار في صورة مركب نسقي من معارف مفاهيمية، وهكذا يكون التطوير آلية اجتماعية لإثراء الفكر في مراحل تاريخية مطردة، ويكون الفكر الاجتماعي النسقي دالة هذا الجهد المنظم.
النشاط الاجتماعي الإنتاجي يفضي عقليا إلى تنظيم الوقائع في صورة معلومات، ويعمد العقل الاجتماعي إلى تأويل المعلومات في صورة فكر اجتماعي، معنى هذا أن الفكر الاجتماعي جهد نسقي يهدف إلى تأويل الخبرات المكتسبة حصاد التجربة الاجتماعية الإنتاجية في ضوء المصالح والأهداف، ويعود هذا الفكر في صورة تغذية عكسية إلى المجتمع في نشاطه لمزيد من الفعالية والتصحيح والتنظيم، ومن آليات الإنجاز في تطور مطرد، وهنا يبين بوضوح أن التفكير الاجتماعي إنما هو إنجاز اجتماعي يحمل خصوصية التجربة الاجتماعية.
ويجسد المجتمع فكره المستحدث والمتجدد في منظومات اجتماعية متعددة المجالات والمستويات، من ذلك إعادة تنظيم العمليات الإنتاجية من خلال تطبيق المهارات والتكنولوجيات المستحدثة في مجالات الإنتاج والخدمات، ويتجلى هذا أيضا في تنظيم المؤسسات وتنظيم البيانات والمعلومات والمعارف من خلال المؤسسات الاجتماعية مثل المؤسسات التعليمية والعلمية والإعلامية والثقافية، ويسهم هذا كله في بناء الإنسان/المجتمع، وتعزيز أو تجديد تطلعاته الداعمة لحركة التطوير والمنافسة، والانتقال بالفكر الاجتماعي إلى طور آخر تنظيما وفعالية وأرحب أفقا وأرقى منهجا.
وحيث إن نهج التطوير والتغيير قيمة ثقافية وموقف حياتي فإن فعل التطوير تحدده بقوة طبيعة القيم الثقافية السائدة في المجتمع، مثلما تحدده تطلعات المجتمع واتجاه استجاباته، ونظرته للتحديات أو تأويلها، ولهذا يمثل التطوير الاجتماعي دالة على طبيعة الإدراك البشري واتجاهه ومحتواه وتطلعات البشر ومواقفهم وقيمهم وتصوراتهم لذواتهم ولدورهم في الحياة باعتباره مشروعا وجوديا.
ولكن مفهوم القيم، ومن ثم مجال تأثيره، مختلف باختلاف الثقافات، وهناك من المجتمعات من يحصر القيم في نطاق الأخلاق، الحرام والحلال دينيا فقط وتكون هذه القيمة بمحتواها المحدود هي مفتاح السلوك أو «الزر» الذي يحرك، بل يستثير، الإنسان/المجتمع عند الضغط عليه، وكأنما انحصر الوجود داخل هذا النطاق المحدود دون سواه، هذا بينما القيم متعددة متباينة بتعدد الأنشطة والسلوكيات صانعة الحياة وتباينها، التطوير والتغيير قيمة، الإبداع قيمة، الفن قيمة، البحث العلمي قيمة، والاستقلال قيمة، بينما التواكل والاعتماد على الغير قيمة سلبية، والسبق في المنافسة العلمية أو غيرها قيمة، والموضوعية قيمة، والتناغم الاجتماعي قيمة، والعدالة قيمة، والتضحية قيمة، وغيرها وغيرها من عناصر سلوكية تكفل انتصار الحياة وتعزز التكاثر والبقاء.
وتشكل القيم بهذا المعنى ما يمكن أن نسميه محتوى تحت الشعور الجمعي، ومن ثم القوة الدافعة وراء مجمل الحركة الاجتماعية، وتنصرف عبرها ومن أجلها طاقة المجتمع في أعمق المستويات، إذ إنها معالم التطلعات الجمعية تحت الشعورية، وصورة المجتمع عن ذاته وفهمه لنفسه، ولنهجه في الحياة، ودالة على معنى الوجود ومجال الاستباق، ومصرف الجهد والنشاط.
ومن ثم إذا عدنا إلى سؤالنا التقليدي: لماذا تخلفنا؟ يجب ألا يقتصر البحث والنظر على الإنجازات المادية ونتصور النهضة حيازة لتقانة أو لفكر من إبداع واستنبات الآخر، وإنما أن نرى التقانة والفكر إبداعا ذاتيا من مخاض المجتمع في سياق تفاعل وتنافس على صعيد عالمي، ويتعين هنا أن نتجاوز الأبعاد الظاهرة الراهنة إلى ما وراءها، أي إلى الموروث من قيم وثقافة تصوغ بنية ما تحت الشعور وتمثل القوة الحاكمة والموجهة، أي أن تنظر إلى الإنسان باعتباره حزمة متكاملة من الجينات قرينة حزمة متكاملة، مما يمكن أن نسميه مجازا الجينوم الثقافي الذي انتقل عبر الأجيال في صورة تراث هو حصاد خبرات مكتسبة على امتداد القرون والأحقاب وقابل للتغير والتلاؤم في ضوء الضغوط الانتخابية، ويمثل هذا التراث الثقافي الذي تتباين عناصره بتباين خبرة المجتمعات وخصوصيات تفاعلها مع الطبيعة عاملا قوي التأثير في بناء الموطن الملائم
Niche Construction ، من حيث الاتجاه والمرونة والنمط، ويصف البعض الإنسان بأنه جماع نمط وراثي ظاهري متطور
Evolutionary Phenogenotype
অজানা পৃষ্ঠা