মুজমাল তারিখ দুময়াত
مجمل تاريخ دمياط : سياسيا واقتصاديا
জনগুলি
فلما انتقلوا إلى مصر لم تقل عنايتهم بالأساطيل، بل زادت، ويقال إن المعز - أول خلفائهم بمصر - أنشأ في عهده أسطولا يتكون من ستمائة سفينة.
وكانت هذه السفن الحربية تبنى فيما كان يسمى في العصور الإسلامية: «دار الصناعة» أي دار صناعة السفن، وكان في الفسطاط قبل العصر الفاطمي دار صناعة فأبقى عليها الفاطميون، وأنشئوا إلى جانبها دار صناعة جديدة في «المقس» - ميناء القاهرة - وكان هناك لا شك دار صناعة في دمياط منذ بدئ بإنشاء الأسطول في عهد عنبسة، كما كانت هناك دار صناعة أخرى في الإسكندرية.
وقد عني الفاطميون عناية زائدة بهذه الدور، وخاصة دار صناعة دمياط؛ فقد دخلت بلاد الشام في ملكهم، ودمياط أقرب موانئ مصر لهذه البلاد، كما أنها معرضة لغارات الصليبيين عليها، كما كانت معرضة لغارات البيزنطيين من قبل.
وكان الفاطميون يعنون بالأساطيل وتجهيزها والإشراف على الثغور عناية سنوية دائمة لا تقف ولا تنقطع، وكان موعد هذه العناية في شهر برمهات من كل سنة عندما يصحو الجو، يقول المقريزي: «وفي برمهات تجري المراكب السفرية في البحر الملح إلى ديار مصر من المغرب والروم، ويهتم فيه بتجنيد الأجناد إلى الثغور كالإسكندرية ودمياط وتنيس ورشيد، وفيه كانت تجهز الأساطيل ومراكب الشواني لحفظ الثغور.» وينص في مكان آخر على أن سفن الأسطول كانت تصنع في دور الصناعة جميعا في مصر والإسكندرية ودمياط، يقول: «وكان من أهم أمورهم (يقصد الفاطميين) احتفالهم بالأساطيل والأجناد، ومواصلة إنشاء المراكب بمصر والإسكندرية ودمياط من الشواني الحربية والشلنديات والمسطحات إلى بلاد الساحل حين كانت بأيديهم، مثل صور وعكا وعسقلان.»
وكان أسطول دمياط يقوم على حمايتها من عدوان المغير، كما حدث في عهد الخليفة الفاطمي الفائز، ففي جمادى الآخرة من سنة 550ه (أغسطس 1155م) وصل إلى دمياط أسطول صاحب صقلية في نحو ستين مركبا «فعاثوا وقتلوا ونزلوا بتنيس ورشيد والإسكندرية فأكثروا فيها الفساد.» فتصدى لهم أسطول دمياط حتى ردهم.
وحدث أيضا في خلافة العاضد - آخر خلفائهم - ووزارة شاور الثانية، أن نزل أسطول الصليبيين في عشرين شونة (أي سفينة حربية كبيرة) على تنيس فقتل وأسر وسبى، فتولى أسطول دمياط محاربة هذه السفن وردها.
هاتان هما الغارتان اللتان نزلتا على دمياط وما يجاورها طيلة العصر الفاطمي، إحداهما وفدت من صقلية، والثانية أرسلها الصليبيون في الشام، مما يبين في وضوح أن غارات البيزنطيين على شواطئ مصر قد انقطعت في العصر الفاطمي؛ ولعل السبب في هذا أن الدولة البيزنطية كانت قد أصابها الضعف والكلال، وأن العلاقات بين الفاطميين والبيزنطيين كانت في معظمها علاقات طيبة.
ولكننا نلاحظ أيضا أن خطرا مسيحيا جديدا أخذ يظهر في الأفق، ويهدد دمياط وسواحل مصر، كان يمثل هذا الخطر أساطيل النورمانديين في صقلية، وأساطيل الصليبيين في سواحل الشام بعد استيلائهم عليها في أعقاب الحملة الصليبية الأولى في أواخر القرن الخامس الهجري (11م).
غير أن واجب الأسطول المصري في العصر الفاطمي لم يكن مقصورا على الدفاع عن الشواطئ فحسب، وإنما كان واجبه الأصلي الخروج إلى مياه البحر الأبيض المتوسط للغزو ، وكانت الأساطيل تخرج للغزو من ثغر دمياط - لا من الإسكندرية - فإذا عادت بغنائمها نزلت عليه أولا.
وكان الخلفاء الفاطميون يحتفلون بالأساطيل عند خروجها للغزو احتفالا كبيرا رائعا، فقد كان لهم منظرة بالمقس (ميناء القاهرة) يجلس فيها الخليفة لوداع الأسطول قبل خروجه للغزو، ولاستقباله إذا عاد، وكانت العادة إذا تم إعداد الأساطيل أن يجلس الخليفة في هذه المنظرة وبين يديه الوزير، ويأتي القواد بالسفن من دار الصناعة بالفسطاط حتى يصلوا بها إلى المقس، فيقومون بعرض حربي بحري جميل، فتتحرك السفن في النيل بين يدي الخليفة «وهي مزينة بأسلحتها ولبوسها، وفيها المنجنيقات، تلعب فتنحدر، وتقلع بالمجاذيف، كما يفعل في لقاء العدو بالبحر الملح، ويحضر بين يدي الخليفة المقدم والرئيس، فيوصيهما، ويدعو للجماعة بالنصرة والسلامة ... إلخ.» هكذا وصف المقريزي في خططه حفلة العرض البحري قبل خروج الأساطيل المصرية للغزو في العصر الفاطمي، ثم استطرد فنص في وضوح تام على أن هذه الأساطيل كانت تخرج للغزو من ثغر دمياط، قال: «وتنحدر إلى دمياط، وتخرج إلى البحر الملح، فيكون لها ببلاد العدو صيت وهيبة، فإذا وقع لهم مركب لا يسألون عما فيه سوى الصغار والرجال والنساء والسلاح، وما عدا ذلك فللأسطول.» أي أن رجال الأسطول كانوا يقدمون للدولة أسراهم من الأطفال والرجال والنساء، وغنيمتهم من السلاح، أما غنائمهم من الأموال والمتاع فكانت تترك لهم جزاء وفاقا على بلائهم في الغزو.
অজানা পৃষ্ঠা