في الشرائع من جهة العقول، ولكنهم يأبون ذلك لما في شريعة موسى عليه السلام، لأن فيها عهد إليهم موسى أن أمرهم بالتمسك بشرائع التوراة، وتحريم السبت دائما أبدا، يقال لهم في ذلك: من أين علمتم أن موسى عهد إليكم أن حكم التوراة وتحريم السبت لا ينسخ أبدا؟ ونحن نطالبكم بالدليل على ما ادعيتموه من ذلك، فلم تأتونا إلا بالدعوى بأن موسى عهد إليكم، بل إنما جعلتم دعواكم هذه من أن موسى عهد إليكم بما قلتم ذريعة إلى تكذيبكم بالمرسلين، وكراهية الرجوع إلى ما أتوا به من الشرائع _صلى الله عليه وسلم وعليهم_، وهؤلاء النصارى يدعون أن عيسى عليه السلام أخبرهم بأن حكم التوراة منسوخ ببعثته عليه السلام، وأهل ملة (¬1)
¬__________
(¬1) الملة: كالدين، وهو اسم لما شرع الله تعالى لعباده على لسان الأنبياء ليتوصلوا به إلى جوار الحق، والفرق بينهما وبين الدين أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي عليه الصلاة والسلام الذي تسند إليه نحو {فاتبعوا ملة إبراهيم} (سورة آل عمران: 95) {واتبعت ملة آبائي} (سورة يوسف: 38).
ولا تكاد توجد مضافة إلى الله ولا إلى آحاد أمة النبي _صلى الله عليه وسلم_. ولا تستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها. لا يقال ملة الله ولا يقال: ملتي وملة زيد كما يقال دين الله ودين زيد، وأصل الملة من أمللت الكتاب، قال تعالى: {وليملل الذي عليه الحق} (سورة البقرة: 282). وتقال الملة اعتبارا بالشيء الذي شرعه الله، والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذا كان معناه الطاعة، والله أعلم.
পৃষ্ঠা ৯৪