وعن رجل أراد أن يقتل رجلا ظلما له، فجاءه رجل آخر فشفع إليه وأخبره بظلمه، فرجع عن ذلك وخلاه (¬1) ، أخبرونا عن الذي أراد قتله، أهو النور أو الظلمة؟ فإن قالوا: النور تركوا قولهم، وجعلوا النور قاتلا، وإن قالوا: الظلمة، قيل: فالشفيع من هو، نور أو ظلمة؟ فإن قالوا: ظلمة جعلوا الظلمة راحمة، وإن قالوا: النور، قيل: فالذي قبل من النور فعفا، من هو؟ فإن قالوا: الظلمة فقد جعلوها تعفو، والعفو خير، وإن قالوا: الذي عفا هو النور، قيل: أوليس الذي عفا هو الذي هم بالقتل، فقد هم النور بالقتل، وذلك شر، فإن قالوا: إن الذي عفا هو النور، والذي هم بالقتل هو الظلمة، قيل: فكيف عفا النور؟ وهو لم يهم، ولم يرد شرا، فيخبر أنه ترك قوله، وهم لم يرد ذلك قط، فهذا منه كذب، والكذب ليس من شأن النور في زعمكم، وعمن قال أنا ظلام، هل صدق أم كذب؟ فإن كذب فالنور لا يكذب، وإن صدق فالظلمة لا تصدق (¬2) .
¬__________
(¬1) - تقول: أنا منه خلاء، أي براء، لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر، وأنا منك (خلي)، أي بريء، فيثنى ويجمع لأنه اسم، والخلاء: المكان الذي لا شيء به، والخلية: الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها، ويقال للمرأة أنت خلية: كناية عن الطلاق.
(¬2) - هذا والحق يقال من أنفس الأدلة العقلية، التي تفحم الخصم، ولا تترك له مجالا أن يكابر أو يجادل، فجزى الله المؤلف عنا وعن الإسلام غير الجزاء.
পৃষ্ঠা ৩৯