بالطبيعة كما زعمتم لكانت تغلبه فيما لم يزل، كما أنها لم تزل معه، فإن قالوا: إن تغليب القوة الهيولي اختيار ولا يقولونه، قيل لهم: وما يدريكم إذا كان تغليب القوة الهيولي اختيارا أنها لم تكن غلبته قبل ما غلبته؟ ولعل القوة قد غلبت الهيولي قبل ذلك ولا تعلمون به؟ ويسألون عن كون القوة في الهيولي، أعلى المماسة هو أم على غير المماسة؟ فإن قالوا: على غير المماسة أبطلوا قولهم في التغليب، وكيف يغلب شيء شيئا ولم يماسه؟ فإن قالوا: على المماسة أثبتوا معنى ثالثا غير الهيولي، وغير القوة وهو المماسة، فبطل قولهم: إن الهيولي غير ذي أعراض، والمماسة عرض. ويقال لهم: أخبرونا عن الهيولي، أليس هو لم يزل غير ذي لون، ولا طعم، ولا حركة، ولا سكون، ولا أعراض، فإن قالوا: إنه لم يزل ليس بذي أعراض، قيل: فأنى حدثت فيه هذه الأعراض، وهو لم يزل ليس بذي أعراض؟ مع ما يقال لهم في القوة أليست غير ذات أعراض؟ فمن قولهم: بل فيقال لهم: فما بال القوة غلبت الهيولي دون أن يكون الهيولي غلبها، وهما بصفة واحدة؟ أم كيف سميتم القوة قوة، ولم تسموها هيولي؟ أم كيف سميتم الهيولي هيولي دون أن تسموه قوة؟ وهما جميعا بصفة واحدة؟ (¬1) ولا يوصف أحدهما إلا بما يوصف به صاحبه (¬2) مع ما يقال لهم: أخبرونا عن الهيولي والقوة، أمختلفان هما أم متفقان؟ فإن قالوا: مختلفان أثبتوا الأعراض، (¬3)
¬__________
(¬1) - سقط من (ب) لفظ (واحدة).
(¬2) - في (ب) الآخر بدلا من (صاحبه).
(¬3) - العرض: ما لا يقوم بذاته؛ وهو الحال في الموضوع، فيكون أخص من مطلق الحال.
والعرض عندنا موجود قائم بمتحيز، وعند المعتزلة ما لو وجد لقام بالمتحيز.
وعند الحكماء ماهية إذا وجدت في الخارج كانت في موضوع أي محل يقوم لما حل فيه.
والمختار أن العرض هو الوجود الذي لا يتصور بقاؤه في زمانين، وفيه احتراز عن الإعدام، إذ هي غير موجودة.
والمراد من قوله: العرض ما لا قيام له بذاته ما لا وجود له بذاته لا القيام الذي هو ضد القعود؛ لأن ذلك وصف زائد على نفس الماهية. والعرض يقوم بالعرض عند بعض المتكلمين، يعني به الإنصاف، يقال: هذه رائحة طيبة، وتلك منتنة، وهذا الفعل حسن، وذاك قبيح، ويمتنع عند جمهور المتكلمين.
والعرض العام هو: إما لازم كالتنفس والتحرك للإنسان، أو مفارق وهو: إما سريع الزوال كحمرة الخجل وصفرة الوجل، أو بطيء كالشيب والشباب، راجع كتاب النجاة 325، ومعيار العلم، طبعة مصر 1329ه، ومفاتيح العلوم 86. والجوهر: الذات، الماهية، المقولات، والمعجم الفلسفي 2/70.
পৃষ্ঠা ২৪