قال أصحاب المخلوق قد كثرت القدرية في السؤال بتقليبهم الألفاظ المختلفة على معنى واحد، من معنى السؤال، ولقد كان يجيب على من بنى سؤاله على خصومة أن يعرف كيف تكون عاقبة سؤاله إذا حرر الخصوم عليه الجواب، والجواب في جميع ما سألوا عنه في "هل ثم"، وفي "لو جاز" جواب واحد، ويدخل بعضه في بعض؛ وذلك أن نقول لهم: ليس ثم إلا الله وما خلق، لا على نفي الاكتساب، ولا يجوز إرسال الجواب حتى يوصل بالصلة التي يتبين بها الجواب، لإزالة سوء الظنون من أوهام السامعين عند ورود الجواب على أوهامهم غير مفسر، ولا موصول بصلته التي يصح بها، فإن قالوا عند هذا: على ماذا عذب الله الكافر أو مماذا غضب من نفسه أو من خلقه؟ إلى آخر ألفاظهم التي هي بمعنى واحد، قيل لهم: غضب من فعل العبد الذي هو لله خلق، ولا يقال: غضب من خلقه، فإن قالوا: أليس فعل العبد خلقه؟ قلنا: فعل العبد من حيث وصف بأنه فعل، وهو خلق الله بأن جعله خلافا لما خالفه، غير محتمل للبقاء، ولا مجتلى للعيان، ولا يقال: فعل العبد خلق الله مرسلا، كما أنه يقال فيما اجتمعنا نحن وأنتم عليه: إن الله عالم بفعل العبد، وإن الفعل معلوم له، وإن الفعل غير الله، ولا يقال: إن الله غضب على العبد؛ لأن فعله غيره، ولا لأنه معلوم له، ولا لأنه غير الله وغير العبد، إذ ليس من الجائز أن يغضب الله على الكافر إن كان عمله غير الله، فلو جاز أن يقال: غضب الله على الكافر لأن فعله غير الله، ويسخط أن يكون الفعل غير الله، ويعذب على ذلك، ليجوزن أن يكون الله يرضى أن يكون فعل العبد هو الله، ويثيب على أن يكون فعل العبد هو الله، ويحب ذلك، فهذا غاية الفساد في صفة الله جل جلاله.
পৃষ্ঠা ৪১