ويقال للجهمية أيضا في إبطالهم عن الله أن يكون شيئا: أخبرونا عن الله جل جلاله، هل تصفونه بصفة من الصفات، أو تخبرون عنه بوجه من الوجوه، أو تذكرونه بمعنى من المعاني؟ فإن قالوا: لا نصف الله، ولا نخبر عنه، ولا نذكره، أبطلوه، وجعلوه في حد العدم والتلاشي، وصاروا مع ذلك بهذا القول إلى مقالة أصحاب أرسطاطاليس (¬1) من أهل الدهر الذين قالوا بقدم الهيولي (¬2) ، وينفون عنه أن يكون ذا صفات، وكفى لمن صار به قوله إلى مقالة أهل الإلحاد خزيا، ويدخل عليهم ما أدخلناهم على أولئك، وقد وصف الله نفسه في غير موضع من كتابه فقال: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم} (¬3)
¬__________
(¬1) سبق الترجمة له في كلمة وافية في هذا الجزء.
(¬2) الهيولي: لفظ مرادف للمادة، وقد رد أرسطو الأشياء إلى مبدأين: الصورة والهيولي، فكل شيء هو جزء من المادة الأولية، اكتسب صفات معينة حددت طبيعته ووظيفته وهي صورته، والهيولي ليست موضوع معرفة، ثم هي ليست من بين المقولات؛ إذ أن هذه تحمل عليها في حين أنها هي لا تحمل على شيء، إنها مجرد قوة في مقابل الصورة التي هي فعل، والهيولي: جوهر في الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال، محل للصورتين الجسمية والنوعية. [راجع تعريفات الجرجاني]، والهيولي: جوهر، وليس له في ذاته صورة تخصه إلا معنى القوة، ومعنى قولي لها هي جوهر: هو أن وجودها حاصل لها بالفعل لذاتها. راجع ابن سينا: رسائل في الحدود.
(¬3) سورة الحشر آية رقم 23..
পৃষ্ঠা ১৮৮