وعن شريح(425) أنه قال:إن للحديث جهابذة كجهابذة الورق، ومعنى الحديث: تعلمون أن لكم ربا، لا تشكون فيه، ولا يجوز أن تعتريكم الشكوك والريب، كما لا يجوز ذلك في العلم بأن القمر قمر ليلة البدر، لا على أن الأبصار تدركه جهرة، ومعنى الرواية الأخرى: لن تمتلئ جهنم حتى يضع الجبار فيها قدمه (¬1) ، يريد ما قدم لها من أهل الشقاوة الذين في علمه أنهم صائرون إلى جهنم، قال الله عز وجل: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم} (¬2) ، ومعنى: (خلق آدم على صورته) (¬3) أي خلقه الله بالغا، ولم ينقله من نطفة إلى علقة، ومن علقة إلى مضغة، ومن طفولية إلى غير ذلك، وقال بعض أهل العلم في ذلك: إن الله خلق آدم على صورته، أي على صورة آدم التي اختار الله له من بين الصور، وبعضهم يقول: إن رسول الله سمع رجلا يقبح بذمه غلاما له في صورة وجهه، فقال _صلى الله عليه وسلم_: "لا تقبحوا الوجوه فإن الله خلق آدم على صورته (¬4)
¬__________
(¬1) سبق الحديث عن هذا الخبر قريبا من هذا.
(¬2) سورة يونس آية رقم 2.
(¬3) يقول الراغب الأصفهاني: الصورة أراد بها ما خص الإنسان بها من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة، وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى الله سبحانه على سبيل الملك لا سبيل البعضية والتشبيه _تعالى عن ذلك_، وذلك على سبيل التشريف له، كقوله: بيت الله، وناقة الله، ونحو ذلك.
(¬4) سبق تخريج هذا الحديث. وقد قال أبو سليمان الخطابي: "خلق آدم على صورته" الهاء وقعت كناية بين اسمين ظاهرين، فلم تصلح أن تصرف إلى الله عز وجل لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة _سبحانه_ "ليس كمثله شيء"، فكان مرجعها إلى آدم عليه السلام، "فالمعنى أن ذرية آدم إنما خلقوا أطوارا، كانوا في مبدأ الخلقة نطفة ثم علقة، ثم مضغة، ثم صاروا صورا أجنة، إلى أن تتم مدة الحمل، فيولودون أطفالا، وينشأون صغارا إلى أن يكبروا"..راجع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي 290 وما بعدها.
পৃষ্ঠা ১৫৮