فقالوا: إن الحسنى هي الجنة، ولا نجد ما يزيدهم بعد الجنة إلا أن يريهم الله إياه، فهذا من التأويل باستكراه شديد، وتعسف قبيح، غير أن القوم متى سمعوا بذكر شيء قريب من الذي تميل إليه أهواؤهم، أو بعيد منهم ذهبوا به إلى ما تهوى أنفسهم من تشبيههم، وقال ابن عباس، والحسن البصري (¬1) : الحسنى بالحسنة، والزيادة التسع، قال الله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} (¬2) ، {فله خير منها} (¬3) وقال مجاهد: الحسنى بالحسنى، والزيادة مغفرة الله ورضوانه، وقال الشعبي (¬4) : الزيادة دخول الجنة، وقال محمد بن كعب: الزيادة التي يزيدهم الله من الثواب والكرامة، وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى (¬5) :
¬__________
(¬1) هو الحسن بن يسار البصري أبو سعيد، تابعي، كان إمام أهل البصرة، وحبر الأمة في زمنه، وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء النساك، ولد بالمدينة عام 21ه، واستكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية، وسكن البصرة، وعظمت هيبته في القلوب، فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، له كتاب "فضائل مكة"، توفي بالبصرة عام 110ه.
(¬2) سورة الأنعام، آية رقم 160.
(¬3) سورة النحل، آية رقم 89، وتكملة الآية {وهم من فزع يومئذ آمنون}.
(¬4) هو عامر بن شراحبيل بن عبد ذي كبار الشعبي الحميري أبو عمرو، راوية من التابعين، يضرب المثل بحفظه، ولد ونشأ ومات فجأة بالكوفة عام 103ه، كان ضئيلا نحيفا، ولد لسبعة أشهر عام 19ه، وهو من رجال الحديث الثقات، استقضاه عمر بن عبد العزيز، وكان فقيها شاعرا. راجع تهذيب التهذيب 5: 65، والوفيات 1: 244، وحلية الأولياء 4: 310، وتهذيب ابن عساكر 7: 138، وتاريخ بغداد 12: 227.
(¬5) هو عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الكوفي، ولد بالكوفة عام 21ه، والتقى بالصحابة، وأخذ عن عثمان وعلي وغيرهما، والتقى بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، شهد وقعة الجمل، وكان صاحب راية علي، سمع من مجاهد، ويقال إنه غرق مع ابن الأشعث سنة 83ه..
পৃষ্ঠা ১৪০