فنقول للقوم: أخبرونا عن جميع ما خاطب الله به عباده في كتابه مما دلهم به على صفته، وعلى فعله، وغير ذلك من أخباره، وأخبار رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أيحمل جميع ذلك على ظاهره دون سائغه، وعلى معقوله دون مفهومه، وعلى حقيقته دون مجازه، أو يحمل على ما يسوغ في حكمة الله تعالى وعدله، وعلى ما يليق به في صفته، دون ما لا يليق به، وعلى ما تستعمله أهل اللغة والناس بينهم في خطابهم، مما تقتضيه دلالة القياس دون عبارة اللفظ؟ فإن هم قالوا: إن جميع ذلك يحمل على المعقول دون المفهوم وعلى الظاهر دون السائغ، ولو أن ذلك الظاهر والمعقول يخرج إلى غاية الفساد من القول، ونهاية المتناقض من الكلام، قيل لهم: أليس قد قال الله عز وجل: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} (¬1) ، وقال: {صم بكم عمي فهم لا يعقلون} (¬2) وقال: {صم بكم عمي فهم لا يرجعون} (¬3) ، وقال: {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون} (¬4) ، وقال: {أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمى} (¬5) ، وقال: {ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} (¬6) ،
¬__________
(¬1) سورة الأنفال آية رقم 22.
(¬2) سورة البقرة آية رقم 171.
(¬3) سورة البقرة آية رقم 18.
(¬4) سورة يس آية رقم 9.
(¬5) سورة الزخرف آية رقم 40.
(¬6) سورة هود آية رقم 20..
পৃষ্ঠা ১২১