هو من سبط أفرائيم بن يوسف وكان مؤازرا لموسى، وعهد إليه بقيادة الشعب بعد وفاته، وأعدته عناية الله لأمرين: افتتاح فلسطين وقسمة أرضها على أسباط بني إسرائيل، وأتم الأول بعبوره الأردن ببني إسرائيل وافتتاحه أريحا، وكانت بمنزلة مفتاح لبلاد الفلسطينيين، إذ طاف رجال الحرب حول أسوارها سبعة أيام، وفي اليوم السابع طافوا سبع مرات فسقطت أسوارها ودخلها بنو إسرائيل، ثم حارب مدن الجنوب فافتتحها وقتل ملوكها، واعتصب عليه ملوك شمال فلسطين فشتت شملهم وتعقبهم إلى صيدا وصرفند، وانبسطت سلطته شرقا إلى بقعة المصفاة، وهي البقاع على الأرجح، فأصبحت ولايته من الجبل الأملس الممتد إلى سعير (جبل الشيخ) إلى بعل جاد في بقعة لبنان، وهي بانياس على الأظهر، وعاد يشوع من الشمال ظافرا غانما فحارب بني عناق وكانت مساكنهم الخليل وغزة وأشدود وغيرها، وكانت هذه البلاد منقسمة إلى نواح أو إقطاعات، وحاكم كل ناحية يسمى ملكا؛ ولذلك ترى في سفر يشوع أنه قتل ملوكا كثيرين، وجاء في الآثار المصرية ذكر تقسيم هذه البلاد إلى ممالك صغيرة، وجاء فيها ذكر يابوسي وأموري وجرجسي وحيوي وعرقي وسيني إلخ، فكان ذلك مصداقا لقول الكتاب: إن الملوك الذين قتلهم بنو إسرائيل واحد وثلاثون ملكا، منهم سيحون ملك الآموريين وعوج ملك باسان اللذان قتلهما موسى، وتسعة وعشرون ملكا قتلهم يشوع بن نون.
ثم قسم يشوع ما ملكوه من الأرض على بني إسرائيل كما في سفر يشوع فصل 14 وما يليه، ودبر يشوع بني إسرائيل خمسا وعشرين سنة على ما روى يوسيفوس اليهودي، ومات وعمره مائة وعشر سنين، ودفنوه في أرض ميراثة في ثمنة سارح التي في جبل أفرائيم إلى شمال جبل جاعش (يشوع عدد 23 عدد 24)، وهذا المحل هو المسمى الآن تبنة في جنوبي نابلس، وقد كشف فيها كاران عن مدفنه سنة 1863، ثم شخص إلى هذا المحل سنة 1870، فزاد تيقنا بذلك وتابعه على رأيه دي سولسي والأب ريشار والأب فيكورو (طالع تاريخنا المطول المجلد الثاني صفحة 314) ... وقد طالعت أخيرا بعض المعارضة لكاران في مذهبه هذا. (12) في قضاة بني إسرائيل
بعد وفاة يشوع بن نون اهتم بعض بني إسرائيل بمحاربة من بقي بينهم من الكنعانيين، فحارب بنو شمعون أدوناي بازق أي: ملك بازاق (في جهة اللد) وانتصروا عليهم، وحارب بنو يهوذا اليابوسيين في أورشليم وطردوهم منها لكنهم رجعوا إليها، وضربوا العناقيين في الخليل واستحوذوا عليها، وحاصر بنو يوسف بيت إيل وافتتحوها، وأحب بعض بني إسرائيل الراحة، وتقاعدوا عن طردهم أعداءهم بل سالموهم ومالوا إلى عبادة أوثانهم فضايقهم أعداؤهم، وكانوا إذا لجئوا إلى الرب أقام لهم مخلصا سموه قاضيا، فكان من هؤلاء أربعة عشر قاضيا: عثنيل وقد خلصهم من استعباد كوشان وشعثائيم ملك آرام، وآهود ونجاهم من ظلم عجلون ملك موآب، وشمجر وأنقذهم من بعض الفلسطينيين، ودابورة مع باراق وخلصاهم من ملك حاصور، وجدعون وخلصهم من المدينيين، وتولع ويانير كانا قاضيين ولم يذكر لهما الكتاب حربا، ويفتاح وأنقذ بني إسرائيل من الفلسطينيين وبني عمون، وأيصان من بيت لحم، وأيلون الزابلوني، وعبدون بن هليل، وهؤلاء لم يذكر لهم الكتاب حربا، والراجح أن هؤلاء القضاة الثلاثة كانوا يلون شرقي الأردن في مدة ولاية عالي وصموئيل وسطو شمشون في غربية، وعالي وصموئيل من قضاة إسرائيل، وكان عالي حبرا في خباء الرب الذي أقاموه في شيلو، وفي أيامه انتصر الفلسطينيون على بني إسرائيل، وأخذوا منهم تابوت عهد الرب وقتل ابناه حفني وفنحاس، وصموئيل كان يخدم عالي في بيت الرب وبعد موته حمل بني إسرائيل على محاربة الفلسطينيين فانتصر عليهم.
وكم كانت المدة التي دبر فيها هؤلاء القضاة بني إسرائيل؟ فتلك معضلة تضاربت الأقوال في حلها، وإذا حسبت السنون التي ذكرها الكتاب لكل منهم زادت كثيرا على مدة الأربعمائة والثمانين سنة، التي صرح الكتاب (ملوك 3 فصل 6 عدد 1) بأنها انقضت من خروج بني إسرائيل إلى أن شرع سليمان في بناء الهيكل، ولحل هذه المشكلة وضعنا الجدول الآتي على سبيل استخراج العدد غير المعلوم من المعلوم:
سنة 480
المدة التي من الخروج إلى بناء الهيكل (ملوك 2 ف6 عدد 1)
سنة 40
مدة إقامة بني إسرائيل في البرية كما في آيات عديدة
سنة 25
مدة قيادة يشوع بن نون لهم (يوسيفوس ك5 فصل 1)
অজানা পৃষ্ঠা