মুহালহিল সাইয়্যিদ রাবিয়া
المهلهل سيد ربيعة
জনগুলি
وصاحت في لهفة: «أين جساس؟»
فأشاروا لها نحوه، وكان واقفا عند خيمة خالته في جمع مضطرب هائج، قد قامت من وسطه امرأة تصيح صيحات متقطعة تعلو على اللغظ الذي حولها، فأسرعت جليلة نحوها وقد داخلها شيء من الاطمئنان منذ رأت أخاها حيالها، وشقت الصفوف حتى صارت إلى جوار المرأة فإذا هي خالتها البسوس، وقد شقت ثوبها وحسرت رأسها، وكانت تلطم وجهها في هياج يشبه الخبل، وتصيح: «وا ذلاه!» وكان جساس واقفا ينظر نحوها صامتا والغضب يتطاير من عينيه، فاقتربت جليلة من خالتها وحاولت أن تهدئ منها، فقالت لها: هوني عليك يا خالة. ماذا بك؟
فلم تلتفت المرأة إليها بل استمرت تصيح وتتكلم، وهي بين حين وحين تصرخ صرخة مفزعة ترن في الوادي قائلة: «وا ذلاه!» ورأتها تختلس النظرات إلى جساس وهي تصرخ كأنها توجه لسعات تأنيبها إليه، وتقول: ليتني لم أنزل سعدا في جواري، ليتني بعثته إلى جوار عزيز لا يناله الذل عنده. ليتني لم أر يوما هذه المنازل ولم تطأ قدماي هذه الساحة، فليس فيها من يحمي جاره ولا من يدفع عن ذماره.
وما زالت تهتف بمثل هذه الأقوال وتتجه بنظراتها إلى جساس، وهو صامت مطرق بوجه أصفر كأنه يقطر السم. ولم تستطع جليلة أن تهدئ من ثورتها ولا أن تسمعها لفظا من كلامها، فإنها كانت تهدر وتصرخ، لا ينقطع صوتها ولا تتردد الألفاظ على لسانها. فذهبت جليلة نحو جساس لتسأله، ولكنه صرف وجهه عنها، وقال في صوت الحانق كأنه يحدث نفسه: لو كانت خالتي في جوار عزيز لما هانت ولما هان ضيفها، ولو كانت نازلة عند آل أبيها منقذ لحماها بنو تميم قومها، ولكنها نزلت في جواري فكان الهوان ينتظرها، وهذه ناقة ضيفها ترتع والسهم في ضرعها.
وأشار بيده نحو ناقة تجري بين الكثبان وهي تضطرب وتصيح صياحا عاليا، وفي ضرعها سهم مرشوق يهتز بين رجليها.
وتحرك جساس عند ذلك يريد أن يسير، فأمسكت جليلة بذراعه وقالت بجفاء: ماذا تقول يا جساس؟ وما معنى كل هذا؟
فتملص جساس منها ونظر نحوها في قسوة وقال: لا أقول شيئا سوى أنني رجل ذليل الجار، ترمى ناقة ضيفي في ضرعها، ولا أملك أن أدفع عنها.
فلم ترد أن تطيل الحديث وقد أدركت ما كان. إنه - بغير شك - زوجها قد بر بيمينه، ورمى الناقة الغريبة في ضرعها عندما رآها ترد الماء مع إبل جساس.
وسمعت أخاها يقول وهو ينصرف عنها: لأجعلن للبسوس حديثا تسير به الركبان.
فأسرعت جليلة من ورائه حتى أدركته وأمسكت بذراعه وصاحت به: أي حديث تريد يا جساس؟
অজানা পৃষ্ঠা