فَمَا ثنى إِلَيْهِ عنان عطفه وَلَا كف عَنهُ فنون صرفه فتحيل لنَفسِهِ حَتَّى تسلل من حَبسه ففر فرار الْخَائِف وسرى إِلَى إشبيلية سرى الخيال الطَّائِف فوافاها غلسًا قبل الاسراج والاجام وَنَجَا إِلَيْهَا بِرَأْس طمر ولجام فهشت لَهُ الدولة وباهت بِهِ الْجُمْلَة فَأَحْمَد قراره وأرهفت النكبة غراره وَحصل عِنْد المعتضد بِاللَّه بن عباد كالسويداء من الْفُؤَاد واستخلصه استخلاص المعتصم لِابْنِ أبي دؤاد وَألقى بيدَيْهِ مقاد ملكه وزمامه واستكفى بِهِ نقضه وإبرامه فأشرقت شمسه وأنارت وأنجدت محاسنه وَغَارَتْ وَمَا زَالَ يلتحف بحظوته وَيقف بربوته حَتَّى أدْركهُ حمامه ولقى السرَار تَمَامه فأخبى مِنْهُ شهبًا طالعة وزهرة يانعة وَقد أصبت من مقاله فِي سراحه واعتقاله ومقامه وانتقاله مَا هُوَ أرق من النسيم وأشرق من الْمحيا الوسيم من ذَلِك قَوْله متغزلًا ... يَا قمرًا أطلعه الْمغرب ... قد ضَاقَ بِي فِي حبك الْمَذْهَب
ألزمتني الذَّنب الَّذِي جِئْته ... صدقت فاصفح ايها المذنب
وان من غرب مَا مر بِي ... أَن عَذَابي فِيك مستعذب ...
ورحل عَنهُ من كَانَ يهواه وفاجأه ببينه ونواه فسايره قَلِيلا وَمَا شاه وَهُوَ يتَوَهَّم ألم الْفرْقَة حَتَّى غشاه واستعجل الْوَدَاع وَفِي كبده مَا فِيهَا من الانصداع وَأقَام يَوْمه بِحَالَة المفجوع وَبَات ليله منافر
1 / 64