وَهُوَ حرف شَرط وتفصيل وتوكيد
أما أَنَّهَا شَرط فبدليل لُزُوم الْفَاء بعْدهَا نَحْو ﴿فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون أَنه الْحق من رَبهم وَأما الَّذين كفرُوا فَيَقُولُونَ﴾ الْآيَة وَلَو كَانَت الْفَاء للْعَطْف لم تدخل على الْخَبَر إِذْ لَا يعْطف الْخَبَر على مبتدئه وَلَو كَانَت زَائِدَة لصَحَّ الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا وَلما لم يَصح ذَلِك وَقد امْتنع كَونهَا للْعَطْف تعين أَنَّهَا فَاء الْجَزَاء
فَإِن قلت قد استغني عَنْهَا فِي قَوْله
٨٤ - (فَأَما الْقِتَال لَا قتال لديكم ...)
قلت هُوَ ضَرُورَة كَقَوْل عبد الرَّحْمَن بن حسان
٨٥ - (من يفعل الْحَسَنَات الله يشكرها ...)
فَإِن قلت فقد حذفت فِي التَّنْزِيل فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ﴾ قلت الأَصْل فَيُقَال لَهُم أكفرتم فَحذف القَوْل اسْتغْنَاء عَنهُ بالمقول فتبعته الْفَاء فِي الْحَذف وَرب شَيْء يَصح تبعا وَلَا يَصح اسْتِقْلَالا كالحاج عَن غَيره يُصَلِّي عَنهُ رَكْعَتي الطّواف وَلَو صلى أحد عَن غَيره ابْتِدَاء لم يَصح على الصَّحِيح هَذَا قَول الْجُمْهُور
وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن فَاء جَوَاب أما لَا تحذف فِي غير الضَّرُورَة أصلا وَأَن الْجَواب فِي الْآيَة ﴿فَذُوقُوا الْعَذَاب﴾ وَالْأَصْل فَيُقَال لَهُم ذوقوا فَحذف
1 / 80