ভাষাগত ভুল: নতুন ফুসহার দিকে তৃতীয় পথ
مغالطات لغوية: الطريق الثالث إلى فصحى جديدة
জনগুলি
وإنما لآخرين هم الذين يبدعونها ويطورونها ويعدلونها ويغيرونها، وهي تتفتق من شئونهم وشجونهم، وتتخلق من أغوار تاريخهم وتضاريس إقليمهم ونزوات طقسهم، وتتحلب من ميازيب أزقتهم ومسام جلودهم وأطراف أناملهم، التنفج بلغة الغير إثم جماعي لا يمر بغير عقاب، وعقابه مزيد من التبعية والدونية والنقص، وشلل الإرادة وعقم الخواطر.
للتعريب فوائد ليس أقلها استرداد الهوية واستعادة الثقة وانطلاق الإبداع، «خذ أطفالنا في المدارس الأجنبية مثلا، خذ ما يدرسون ثم ما يصلهم من خلال المتاح في وسائل الإعلام، تجدهم يبرمجون بأبجدية بعيدة عن خبراتهم الذاتية، فيضطرون إلى أن يتشكلوا تبعا لها، وليس تبعا لما يعيشونه من واقع تركيبهم اللغوي المتجذر، فيترتب على ذلك نوع مقابل من الاختزال والتشويه، إذ يتشكل الوعي مائعا مهتزا ومغتربا عن أصله بما لا يسمح بإضافة أو إبداع.»
46 (4-2) جذور عقدة النقص «بدأت محنة هذه اللغة العظيمة مع العصر العباسي الثاني حين كتب النصر للمعسكر الداعي إلى التشبث بالقديم وعدم الحيدة عنه، على المعسكر الداعي إلى التجديد والتطوير والمرونة، بفضل قوة اتصال الأول بالخلفاء وكثرة الأتباع والأشياع ولجوئه إلى المكر ؛ إذ صبغ دعوته صبغة دينية. وقد أثرت هذه الدعوة تأثيرا ضارا لا في اللغة العربية فحسب، بل وفي الأدب العربي كله، وفي تكييف العقلية العربية. والغريب الشائق أن الغالبية العظمى من أصحاب الاتجاه المحافظ الرافض للتطوير والمرونة كانت من الأعاجم المستعربين، فالأعجمي إذا استعرب كان قصارى همه وغايته أن يصل فنه إلى العربي الأصيل، ولا تحدثه نفسه أن يبتكر في القديم، أو يجدد في الشيء الأصلي،
47
فكان أن قضي على المرونة باعتبارها مستنكرة، وأغلق باب الاجتهاد في اللغة باعتباره بدعة.»
48
يشير ابن منظور في مقدمة معجمه «لسان العرب» إلى شيوع الخطأ على الألسنة في عصره (القرن السابع الهجري)، وتراجع مكانة العربية، واتجاه الناس إلى النطق باللغات الأجنبية، وما أشبه الليلة بالبارحة! فيقول: «فإنني لم أقصد بتأليفه سوى حفظ أصول هذه اللغة النبوية وضبط فضلها؛ وذلك لما رأيته قد غلب في هذا الأوان من اختلاف الألسنة والألوان، حتى لقد أصبح اللحن في الكلام يعد لحنا مردودا، وصار النطق بالعربية من المعايب معدودا، وتنافس الناس في تصانيف الترجمات في اللغة الأعجمية، وتفاصحوا في غير العربية. فجمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفخرون، وصنعته كما صنع نوح الفلك وقومه منه يسخرون.»
في مؤتمر المجمع اللغوي المنعقد في أبريل 1994 يستعرض الدكتور أحمد شفيق الخطيب، عضو المجمع المراسل من فلسطين، جذور عقدة النقص، ويؤكد أن اللغة العربية لا تفتقر إلى خصائص اللغة العلمية ولا مقوماتها، وأن الذين يتهمون العربية بالعجز عن مجاراة التطورات الحضارية العلمية إنما يعترفون بعجزهم هم، وبعجزنا نحن أو غالبيتنا في دنيا العرب. «أيام صدقت النية وشمخت المعنويات، عامرة بالثقة والإيمان، لم يجبن السلف أمام تيارات الحضارة اليونانية والفارسية والهندية، فأخذوا وأعطوا وعربوا وترجموا وألفوا وأبدعوا، وانطاعت لهم العربية فكان لهم جامعاتهم في بغداد وفاس وقرطبة والقاهرة ودمشق وتونس. ثم دارت على العرب والعربية الدوائر؛ فركد العلم وخمد البحث العلمي في دنيانا طوال عصر الانحطاط المديد فركدت اللغة العربية وخمدت. العجز الذي يعزونه إلى اللغة العربية إذن ليس في العربية بل في أهلها اليوم، في بيئة الجمود الاتكالية الغيبية والكسل العقلي والانهزامية والقصور؛ التي سادت نتيجة لسياسات القهر والتجهيل طوال عهود الظلمة والانحطاط، قبيل السيطرة العثمانية وخلالها، ثم استمرت بعدها، بدرجات وأشكال متباينة متفاوتة في مختلف أرجاء الوطن العربي، بفضل المخططات الغربية الخبيثة السلسة الاندساس حينا والشرسة أحيانا، ولم تنج حركة تعريب العلوم وتعريب التعليم إجمالا، منذ فواتحها، من بعض هذه المخططات.»
49
ويمضي د. الخطيب في تتبع المسار التاريخي للنهضة العربية الحديثة وموقفها من التعريب، فيقول: «مع بدايات عصر النهضة العربية الحديثة أوائل القرن الماضي انطلقت العربية تأخذ طريقها مجددا إلى دنيا العلوم والحضارة الحديثة، وكان طبيعيا أن تتخذ مدارس محمد علي القاهرية منذ تأسيسها عام 1825، في الطب والهندسة والزراعة والعسكريات، اللغة العربية وسيلة لها في تعليم المناهج على كل المستويات - مدعمة بمدرسة الألسن وجهود المبعوثين في مختلف فروع العلم. وكذلك كانت الحال في الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية في بيروت لاحقا) أواسط القرن الماضي أيضا، حيث مؤلفات المستشرقين الأمريكان تغطي برامج الدراسة في علوم الطب والفيزياء والكيمياء والصيدلة والرياضيات والفلك وسواها بلغة عربية سليمة ومستوى علمي جيد، ولم يكن يخطر ببال رواد النهضة الحديثة، عربا أو أجانب من المخلصين، التدريس بغير العربية - تطبيقا لمنطق علمي براجماتي بسيط ما زال هو المنطق العلمي الصحيح اليوم كما سيكون غدا.»
অজানা পৃষ্ঠা