ولد في الهند وتوفي فيها، مع ذلك ألّف كل مصنفاته العلمية في اللغة العربية، دون الأدوية التي كانت لغة العلم والأدب في شبه القارة الهندية، ولم يسمع في ذلك لنصح الناصحين وعلل العاذلين، فإنه ألّف ما ألّف لعلماء العالم الإسلامي أجمع، وهل للعالم الإسلامي من لغة غير لغة القرآن؟.
ولكن مما يؤسف له أن كتبه كلها (غير كتاب أقسام القرآن) صدرت في الهند، ونفدت نسخها قبل أن تصل إلى أيدي العلماء والباحثين في البلاد العربية، فلم يقفوا عليها لينهلوا من معينها العذب، ويقتطفوا من روضها الأُنُف. فلا هي وُفّيت حقها من الإفادة والدراسة والنقد، ولا هو وفّي حقه من التقدير والإنصاف والاعتراف. ولا أدلّ على ذلك من غياب ترجمته عن كتاب الأعلام للزركلي، وخلوّ الدراسات القرآنية والعربية التي ظهرت في العالم العربي في غضون سبعين عامًا مضت بعد وفاة المؤلف عن الدلالة على مكانته والإشارة إلى آرائه والنقل من كتبه إلا نادرًا.
وقد دفعني ذلك في سالف أيامي إلى أن أقبل على بعض مؤلفاته وأخرجها للدارسين بعد ضبطها وتصحيحها وشرحها. وألفيت نفسي -على قصور باعي وضعف حيلتي- نازعة إلى خدمة كتاب مفردات القرآن، لأهميته البالغة في علم القرآن وعلم اللغة معًا، وكان ذلك عام ١٣٩٥ هـ.
وكتاب المفردات هذا من الكتب التي لم يقدّر للمؤلف ﵀ أن يكملها أو يحرر المادة التي كتبها في أزمنة مختلفة، فتوفاه الله، والكتاب في المسودة. فلما أنشأ تلامذته وأصدقاؤه الدائرة الحميدية ومطبعتها لنشر ما لم ينشر من مؤلفاته أسندوا تحرير المسودات وإعدادها للنشر إلى تلميذه الشيخ أختر أحسن الإصلاحي ﵀، فأصدر عدة كتب، منها هذا الكتاب الذي نشر سنة ١٣٥٨ هـ.
وكنت قرأت الكتاب في زمن الطلب، فحيرتني أمور منها أن عددًا كبيرًا من الألفاظ التي فسرت في الكتاب موجودة بنصها في أجزاء التفسير المطبوعة،
1 / 6