فأما الأول الذي لا يمكننا الإحاطة بعلمه من دلالات الكواكب ولا نعرف الأشياء التي هي تدل عليه أيضا بتلك الحالات فهي دلالات الكواكب على تفصيل الأنواع من الأجناس وتفصيل الأشخاص من الأنواع ومعرفة كل نوع من أنواع الحيوان التي في البر والبحر وكل نوع من النبات والمعادن التي في هذا العالم وكل شخص من أشخاص هذه الأنواع وكل رمل وحصى في الصحارى أو قدر ما ينمو ويزيد كل شخص من الأشخاص في كل يوم فإن هذه كلها لها كميات وكيفيات والكواكب هي الدالة على كمياتها وكيفياتها إلا أنا لا نحيط علما بها ولا بتلك الدلالات التي للكواكب على هذه الأشياء وللأشخاص المفردة الموجودة أشياء ظاهرة من الأفاعيل والكيفيات لا يمكننا معرفة دلائل النجوم عليها ولا فصل ما بينها من الكيفية أيضا وذلك كالإشارة والانتصاب أو الانحناء والاتكاء أو الاضطجاع والقيام أو القعود وما كان من مثل هذه الأفاعيل الجزئيات اللطيفة أو فصل ما بين الكيفيتين إذا كانتا من جنس واحد وهما في شخصين مختلفين وكان الفصل الذي بينهما من تلك الكيفية خفية وذلك كالشخصين اللذين يشتركان في البياض أو في السواد أو في الحمرة أو في الشقرة أو في كبر العينين أو في صغرهما أو في سعة الفم أو في الطول أو في القصر أو في اللين أو في الخشونة أو في الحلاوة أو في المرارة أو في الطيب أو في النتن أو في بعض الكيفيات التي تكون من جنس واحد وهما في شخصين مختلفين وكل واحد من تلك الكيفيات يحد بمثل ما يحد به صاحبه ويكون الفصل الذي بينهما إنما يوجد بلطيف الحس فإن هذا وما كان مثله وإن كانت الكواكب دالة عليها وعلى فصل ما بينهما فإنه من لطيف دلالاتها وغامضة التي لا نعرفها بكنهها ولا حاجة بنا إليه في صناعة الأحكام لأن غرض صاحب هذه الصناعة في علمه غير هذا
وأما الثاني فدلالات الكواكب على نوع واحد أو على عدد ناس أهل مدينة من المدن أو على عدد رمل في موضع معلوم أو على كيل ماء في نهر مفرد أو على عدد حنطة أو شعير في بعض الصحارى أو على مساحة بعض المفاوز الطو يلة العريضة أو كل شيء لها من الكيفيات فهذا وما كان مثله من الأشياء المحدودة الذات والمكان فإنا وإن كنا نعلم الجهة التي منها تدل الكواكب على كمياتها وكيفياتها ونعرف عددها أو كيلها أو مساحتها من دلالاتها فإنا لا نقدر أن نعدها ولا نكيلها ولا نمسحها لصعو بتها علينا وليس لصاحب صناعة علم الأحكام حاجة إلى معرفة هذا وشبهه
পৃষ্ঠা ২৩৬