فقلنا إن الشيئين وإن تمازجا وأفسد أحدهما ذات الآخر عند الامتزاج فإنه يوجد فيهما كيفية كل واحد منهما عند امتزاجهما على نحو ما يوجد ذلك فيهما على الانفراد وذلك لأن الماء والخمر الممتزجين إذا شربهما إنسان فإنه يسكره الخمر بطبيعته الحارة وبخاصيته والماء الممازج له يرطب البدن وقد يوجد مثل ذلك في العقاقير المختلطة بعضها ببعض أيضا كالترياق فإنه يحل القولنج لما فيه من الأدوية الحارة المحللة ويمسك الاختلاف لما فيه من الأدوية المخدرة الممسكة وقلنا أيضا إن ممازجة الأجسام بعضها بعضا إنما يكون لهذه الأجسام السفلية السيالة لأنهما إذا اجتمعا وتمازجا أفسد أحدهما الآخر فبطل ذات كل واحد منهما وحدث منهما شيء ثالث غيرهما فأما الأجرام العلوية فإنها خلاف ذلك لأنهما إذا اقترنا لا يتمازجان بذاتهما ولا يفسد أحدهما الآخربل هما في أجرامهما وطبيعتهما على حالهما وإنما تتمازج كيفياتهما عند محاذاة أحدهما الآخر وتحركهما على سمت واحد فلبقائهما بطبائعهما على حالهما يظهر دلالة كل واحد منهما عند المقارنة كما يظهر عند الانفراد ولممازجة كيفياتهما وتحركهما على سمتنا يحدث لهما شيء ثالث من الدلالة وعلى قدر قرب أحدهما من الآخر أو بعده عنه ومكانهما من طبيعة برجهما وحالهما من بيوت الفلك ونظر الكواكب إليهما يحدث في كل وقت من دلالة مقارنتهما في هذا العالم أشياء كثيرة مختلفة خلاف ما يحدث في الوقت الآخر وكلما كانت الكواكب التي تتقارن أكثر عددا كان ما ينفعل عنها من الأشياء أكثر وقد بينت الأوائل دلالات مقارنة الكواكب بعضها لبعض في كتبهم
وللكواكب عند مقارنة بعضها لبعض حالان أحدهما ممازجة كيفيات بعضها لبعض والثاني قوة بعضها على بعض فأما ممازجتها بكيفياتها فإنها تكون بما ينسب إلى طبائعها من الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة وإنما تعرف هذه بخمسة أشياء أولها بخاصية طبائعها والثاني بصعودها أو هبوطها في فلك الأوج والثالث بمكانها من طبيعة برجها والرابع بحالها من الشمس والخامس بحالها من أرباع الفلك وقد ذكرنا ذلك في القول الرابع من كتابنا هذا وفي غيره من المواضع وأما قوتها عند المقارنة فإنما يكون بحالات كل واحد منهما من فلك الأوج والفلك المائل عند صعوده أو هبوطه فيهما لأن الأقرب منهما إلى ذروة فلك أوجه هو الأقوى على الأبعد منه من الذروة والشمالي الصاعد الكثير العرض أقوى من الشمالي الصاعد الذي هو أقل عرضا منه والشمالي الصاعد أقوى من الشمالي الهابط والشمالي أقوى من الجنوبي والجنوبي الصاعد أقوى من الجنوبي الهابط والجنوبي الأقل عرضا أقوى من الجنوبي الأكثر عرضا وهذه القوة والضعف إنما هي للكواكب السبعة بعضها على بعض فأما إذا قارن أحدهما بعض الكواكب الثابتة أو بعض السحابيات أو السهام أو سائر ما ذكرنا قبل فإنما ينظر إلى حال ذلك الكوكب الذي من السبعة في نفسه وقوته أو ضعفه وما يدل عليه بمقارنته لذلك الشيء لأن الكواكب الثابتة والسهام وسائر ما ذكرنا ليس لها فلك أوج ولا فلك مائل
পৃষ্ঠা ৭৪৬