69

وقد كنت حين ذاك لا أشتغل بوظيفة، فاستأذنت والدي وطلبت إليه أن يحملني تبعات هذه الحركة شخصيا، وألا تكون الوظيفة كمأمورية حجازية. فأذن لي وتوجهت من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ومنها بالخط الحديدي إلى معان فوصلناها بمشقة شديدة - لخراب الخط - بعد شهر. وكان الوصول بتاريخ 11 ربيع الأول سنة 1339 الموافق 21 تشرين الثاني سنة 1920.

وقوبلت بحماس من أهل معان وباديتها. ووجدت هناك الأميرالآي غالب بك الشعلان (غالب باشا الشعلان) وكان هذا يقود فرقة الهجانة العثمانية في المدينة المنورة، ولطالما اصطدمت قواته بالمفارز العربية الهاشمية؛ ثم ترك المدينة إلى تركيا وعاد وثبت إخلاصه، وترقى إلى أن صار في رتبة أمير لواء في الجيش العربي رحمه الله. ووجدت هناك الرئيس عبد القادر الجندي (عبد القادر باشا الجندي الآن) والرئيس محمد علي بك العجلوني، والمرحوم خلف بك التل، وأحمد التل وغيرهم.

وفي 25 ربيع الأول سنة 1339 أصدرت المنشور الآتي:

إلى كافة إخواننا السوريين

سلام

لا أجد في نفسي أدنى ريب أو أقل شبهة، في أن أبناء الوطن السوري سيتلقون بياناتنا التالية بقلوب ملؤها التصديق والإخلاص. فليعلم أبناء سوريا أن ما أصابهم من الضياع المحزن، من اعتداء رجال الاستعمار الفرنسي على وطنهم ومبادرتهم بسرعة فظيعة غريبة لهدم عرشهم في أول سعيهم لتشكيل حكومتهم التي وضعت أساسها على سياسة الولاء والصداقة لكل الأمم على الإطلاق، قد أثر على حواس كل عربي على وجه الأرض. وفي الوقت نفسه نعلم علما يقينا أن أبناء سوريا الكرام هم من جملة المفاخر العربية وركن من أركان الجامعة القحطانية والعدنانية، لا يرضون بالذل ولا ينقادون إلى من جاء لإهانتهم في عقر دارهم، وأنهم لا يعذرون أبناء جنسهم إذا منعوا عنهم يد المعاونة والمدد في مثل هذه الآونة الخطيرة.

كل عربي يعلم أنكم يا أبناء سوريا تستنصرون وتستثيرون حميته، ليأتيكم مسرعا ملبيا مقبلا غير مدبر. ومن حيث قد توالت علينا الدعوات وصمت آذاننا الصرخات، فها أنا قد أتيت مع أول من لباكم نشارككم في شرف دفاعكم، لطرد المعتدين عن أوطانكم بقلوب ذات حمية وسيوف عدنانية هاشمية.

ليعلم من أراد إهانتكم وابتزاز أموالكم وإهانة علمكم واستصغار كبرائكم، أن العرب كالجسم الواحد إذا شكا طرف منه اشتكى كل الجسم. وأن الله سبحانه وتعالى لم يترك الأمة سدى بداد متفرقة مفتونة بالباطل مغرورة بالكذب وواهن القول.

ليعلم أبناء سوريا أن هؤلاء المعتدين قد عدوكم من جملة من أدخلوه تحت عار استعمارهم ووضعوهم في مصاف الزنوج والبرابرة، وظنوا أنكم لستم من ذوي الغيرات وأصحاب الحميات. كيف ترضون بأن تكون العاصمة الأموية مستعمرة فرنسية؟! إن رضيتم بذلك فالجزيرة لا ترضى، وستأتيكم غضبى، وإن غايتنا الوحيدة هي، كما يعلم الله، نصرتكم وإجلاء المعتدين عنكم.

وها أنا ذا أقول، ولا حرج، بأنني قد قبلت تجديد بيعة مليككم فيصل الأول عن الأكثرية الغالبة التي جددت تلك البيعة على يدي، وإنني سأعود إن أبقاني الله حيا إلى وطني يوم نزوح عدوكم من بلادكم، وعلي هذا اليمين بالشرف. وأمركم حينئذ لكم وبلادكم بين يديكم، متعكم الله فيها بالعز السؤدد والرفاهية والمجد.

অজানা পৃষ্ঠা