انتهت طفولتي، طفولة قصيرة سريعة لاهثة. لم أكد أحس بها حتى أدبرت وخلفت لي جسد امرأة ناضجة، يحمل في حناياه طفلة في العاشرة من عمرها. •••
رأيت عيني البواب وأسنانه تلمع وسط وجهه الأسود سواد الفحم، واقترب مني وأنا أجلس وحدي على دكته الخشبية أتابع بعيني أخي ورفاقه وهم يجرون ويقفزون.
وأحسست بطرف جلبابه الخشن يلمس ساقي وشممت رائحة ملابسه الغريبة، فابتعدت في اشمئزاز، لكنه اقترب مني مرة أخرى، وحاولت أن أخفي عنه خوفي بمراقبة أخي وزملائه وهم يلعبون، لكني أحسست أصابعه الغليظة الخشنة تتحسس ساقي وتتسلقهما من تحت ملابسي!
ووقفت مذعورة واندفعت أجري بعيدا عنه.
هذا الرجل الأسود الكريه أيضا يتطلع إلى أنوثتي؟!
وأخذت أجري حتى دخلت البيت، وسألتني أمي عن سبب انزعاجي، ولم أستطع أن أقول لها شيئا. لعلي شعرت بالخوف أو الخزي، أو كليهما، أو لعلي ظننت أنها ستعنفني وأنه لن يكون بيننا ذلك الود الذي يجعلني أحكي لها أسراري. •••
لم أعد أخرج إلى الشارع، ولم أعد أجلس على الدكة الخشبية.
هربت من تلك المخلوقات الغريبة ذات الأصوات الغليظة والشوارب التي يسمونها رجالا، وخلقت لنفسي عالما خاصا من صنع خيالي؛ جعلت من نفسي فيه إلهه، وجعلت من الرجال مخلوقات عاجزة غبية تقوم على خدمتي.
وجلست في عالمي على عرشي الرفيع أرتب العرائس فوق الكراسي، وأضع الصبيان على الأرض، وأحكي لنفسي القصص والحكايات.
ولم يكن ينغص علي حياتي في وحدتي مع خيالي وعرائسي سوى أمي، بأوامرها الكثيرة التي لا تنتهي، أعمال البيت والمطبخ؛ دنيا النساء المحدودة القبيحة التي تفوح منها رائحة الثوم والبصل.
অজানা পৃষ্ঠা