3
وأجاب المستر بكوك على الدعوة قائلا: «إنني على يقين أنني سأكون سعيدا كل السعادة.»
وقال المستر جنجل، وهو يدخل إحدى ذراعيه في ذراع المستر بكوك، والأخرى في ذراع المستر واردل: «وأنا كذلك!»
ومضى يهمس في أذن المستر بكوك قائلا: «غداء طيب ... بارد، ولكنه عظيم ... لقد أطللت على القاعة في هذا الصباح ... دجاج، وفطير، وألوان شهية ... كرام ... أهل أدب ... جدا.»
ولم تكن ثمة مقدمات أخرى، أو تمهيدات يراد اتخاذها، فلم يلبث القوم أن اتخذوا سمتهم إلى البلدة في جماعات صغيرة، أو مثنى وثلاث، ولم يكد ينقضي ربع ساعة حتى كانوا جميعا جلوسا في القاعة الكبرى بفندق «الأسد الأزرق» في ماجلتون، وقد اتخذ المستر دمكنز كرسي الرياسة، وتولى المستر لفي مركز «نائب الرئيس».
وكثر الكلام، واشتدت قعقعة السكاكين والشوك والصحاف، وهرولة ثلاثة غلمان ضخام الرءوس، واختفت في لمح البرق اللحوم المصفوفة فوق المائدة، وكان المستر جنجل الماجن يساوي في كل ضجة وحركة، أو يعدل على الأقل ستة من الأشخاص العاديين.
ولما أكل كل منهم ما استطاع أن يأكل ملء جوفه أو يزيد، رفع الغطاء عن المائدة، وأزيلت الزجاجات والأقداح، ووضع النقل والفاكهة، وانسحب الخدم لكي «يزيحوا» ما هنالك ... أو بعبارة أخرى، ليعكفوا على البقايا والفضلات من كل مأكول ومشروب يصح لهم أن يضعوا عليه أيديهم، امتلاكا ومكسبا ...
وفي وسط تلك الجلبة العامة من المزاح والكلام، لبث رجل صغير الجثة ساكنا صموتا، تلوح على وجهه سمات من هو قائل لك: «حذار ... لا تكلمني، أو أني سأعارضك»، وإن مضى بين لحظة وأخرى يجيل البصر حوله كلما وجد الحديث هدأ قليلا، كأنما يفكر في قول شيء قيم، أو كلام متزن، أو يروح يسعل سعلة قصيرة، توحي بعظمة ووقار لا وصف لهما، وأخيرا، حين كاد السكون يسود المكان، انطلق ينادي بصوت مرتفع رهيب قائلا: «يا لفي!» فغمر الجميع سكون شديد، وانثنى السيد الذي وجه النداء إليه يجيب قائلا: «نعم يا سيدي.» قال: «أود أن أوجه إليك يا سيدي بضع كلمات، إذا تكرمت فرجوت إلى السادة أن يملئوا الأقداح.»
وهنا صاح المستر جنجل بلهجة المشرف الراعي: «مرحى ... مرحى!» وردد الآخرون هتافه، وأترعت الأقداح، واتخذ نائب الرئيس سمت الحكمة والانتباه الشديد، وأنشأ يقول: مستر «ستيبل»!
ونهض الرجل الصغير الجثة فقال: «سيدي، أود أن أوجه ما أنا قائله إليك أنت، لا إلى رئيسنا الفاضل؛ لأن رئيسنا الفاضل هو إلى حد ما - بل اسمح لي أن أقول إلى حد كبير - موضوع ما سأقوله، أو ما يصح أن ...»
অজানা পৃষ্ঠা