فرقة فاطمة رشدي
وبعد أن قضيت أياما في كازينو سان استفانو على خير، وعدت إلى القاهرة، علمت أن خلافا حادا وقع بين السيدة فاطمة رشدي وفرقة الأستاذ يوسف وهبي، على أثر مشادة بين الأولى وبين السيدة زينب صدقي التي عملت أظفارها في عنق فاطمة ووجنتيها.
وكان ما كان من زوبعة الأستاذ عزيز عيد ضد الفرقة، وخروجه منها متضامنا مع فاطمة، لأن الشرف الرفيع لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم. والدم الذي أراد إراقته عزيز هو «خرشمة» فرقة يوسف وبهدلتها، ويمكن فركشتها كمان: ولكن ما السبيل إلى ذلك؟ هو تأليف فرقة على رأسها فاطمة تقول لفرقة رمسيس: اقفلي والبركة في أنا! ووقع اختيار فاطمة وعزيز على مسرح الريحاني كي يؤديا فيه رسالة الفن ويسويا الهوايل.
ولست أريد الإطالة في ذلك ولا شرح الهوايل التي «سويت» وإنما أكتفي بأن أقول إننا اتفقنا على أجر قدره أربعة جنيهات مصرية كأجر يومي للتياترو، وقد مكثت هذه الفرقة تعمل على مسرحي أكثر من شهر ونصف شهر. وإذا كان القارئ الكريم قد تناول منها أجر يوم واحد، أكون أنا تناولت كذلك. لكن ماعلهش ... كله عند الله! ومن قدم خير بيداه التقاه!
وفي نوفمبر من عام 1927 ألفت فرقتي ثانيا، وبدأت موسما جديدا على مسرحي بعد أن وضعت بمعاونة الزميل العزيز بديع خيري رواية الافتتاح باسم «علشان بوسه»، وأعقبتها رواية «جنان في جنان»، ثم «آه م النسوان» و«ابقى اغمزني». وقد كنا نحاول في خلال ذلك أن نتخلص شيئا فشيئا من نوع الريفيو «الاستعراض»، ونتعمق قليلا قليلا في الكوميدي الأخلاقي. وكان يبهجني جدا أن تنجح محاولاتنا، وأن نسترد جمهورنا العزيز، الذي أقبل على نوعنا إقبالا شجعنا على السير فيما اعتزمنا من خطة.
وفي صيف 1928 كان الوجيه صادق أبو هيف يدير في الإسكندرية كازينو زيزينيا، فاتفق معي على أن تمثل فرقتي بالكازينو بضعة أسابيع فانتقلنا إلى الثغر على الأثر وبدأنا العمل.
صلح مع بديعة
وهنا أقف لحظة لأشير إلى حادث له أهميته. ذلك أن بديعة كما سبق أن قدمت كانت تعمل بصالتها في عماد الدين. وبديعة ماهرة في كل أساليب الدعاية، ويظهر أنها شعرت في ذلك الحين أنها في حاجة إلى أن تثير حولها ضجة، وأن يدوي اسمها في كل مكان. وفي ذلك من الدعاية «المجانية» لصالتها ولعملها ما فيه.
في أحد الأيام دعتني عائلة من كرام السوريين في الإسكندرية إلى وليمة عشاء، فلبيت الدعوة شاكرا، وأدهشني أن أرى بين المدعوين السيدة بديعة مصابني (وقد كان الخلاف بيننا إذ ذاك بالغا أشده)، كما كان بين المدعوين أيضا الأستاذ جورج أبيض والسيدة دولت.
وجرى حديث على المائدة بين الجميع بضرورة عودة المياه إلى مجاريها بين بديعة وبيني، وأن كلا من الطرفين في حاجة إلى زميله، وأن الحياة لا معنى لها إذا اعتورها مثل هذا التباعد البغيض، وأن ... وأن إلى آخر (الأنات) التي قيلت في تلك الليلة والتي أنتجت ثمرتها بالصلح الذي كان يبغيه أهل الخير ووسطاؤه.
অজানা পৃষ্ঠা