أقول كنت أسير، فإذا بي أسمع رهطا من النسوة ترتفع أصواتهن بإنشاد لحن من روايتي «بلاش أونطه»، وشعرت بعد ذلك أنني كلما مررت في طريقي، أرى الأصابع تمتد بإشارة نحوي، بينما الأفواه تردد: «هذا كشكش بك»!
في دار القرعة العسكرية
كنت قد بلغت سن الاقتراع قبل ذلك الحين بثمانية أعوام، فدفعت البدلية وعوفيت من الخدمة العسكرية. وبعد الأعوام الثمانية وقع شيء من الجفاء بيني وبين أحد الجيران، فما كان منه إلا أن أبلغ إدارة القرعة أنني هارب من التجنيد، فاستدعيت في يوم الفرز العام، وذهبت لأثبت سوء نية هذا الجار، وأقدم البرهان القاطع على دفعي للبدلية.
فلما بلغت المكان ورأيت الزحام، انتحيت جانبا ووقفت أنتظر دوري. فسمعت أحد الجنود يهتف باسم (نجيب الريحان)، فأجبت النداء على اعتبار أنه ربما نسي الياء الأخيرة في (الريحاني).
وقادني الجندي إلى إحدى الغرف، وقد كنت على يقين أنني واجد فيها مجلس القرعة المؤلف من فريق من الضباط، ولكن شد ما كانت دهشتي حين ألفيت الجلوس رهطا من المشايخ المعممين، وليس بينهم حتى ضابط واحد يخزي العين، سلام عليكم ... عليكم السلام.
وتفرس في أحد المشايخ، وأشار لي بالجلوس فلما جلست قال لي: «اقرأ الربع الأخير من سورة الأعراف!».
أعراف ... وأنا منين أعرف سورة الأعراف يا سي الشيخ؟
قال: «أمال طالب المعافاة من القرعة العسكرية وبتدعي أنك حافظ القرآن ليه؟».
وحقق المشايخ ودققوا، فاتضح أن هناك فقيها اسمه (الشيخ بخيت الريحان)، وأنه حين طلب للقرعة التمس المعافاة لأنه من حملة القرآن الكريم، فجيء به للامتحان. وقد اختلط الأمر على الجندي وقت النداء فنطق بكلمة (نجيب) بدل بخيت.
وانتهى هذا الموقف الحرب والحمد لله بسلام، بعد أن قدمت الدليل القاطع والبرهان الساطع على أنني سبق أن دفعت البدلية بالكمال والتمام منذ ثمانية أعوام.
অজানা পৃষ্ঠা