قال أحدنا: «إن هذا العمل من الخواجة بشير بالنجاح، لأنه رجل يعرف من أين تؤكل الكتف، ويستحيل أن يغامر بدفع رأس المال، إذا لم يكن واثقا من استرداد مبلغه هذا أضعافا مضاعفة». أما أنا فقد ذهبت في التفسير مذهبا خالفت به الجميع، فمع اغتباطي بتساهيل الله، على يدي الخواجة صاحب قهوة متروبول، قلت لإخواني بأنني لا أرى دافعا لتصرف الخواجة إلا أنه «طهق» من «خلقتنا». فأراد أن يتخلص منا بأي طريقة، مهما كان فيها من تضحية مالية، وسواء أكان هذا هو السبب أم ذاك، فقد وصلنا إلى بغيتنا وحصلنا على مبلغ الجنيهات العشرة. وكم كان ظريفا من بعض إخواننا أن يقترحوا «توزيع» المبلغ علينا، وبلا فرقة، بلا دياولو، وليحيا «اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب!».
ودون أن أطيل عليك أقول إن هذا المذهب لم يجد أنصارا كثيرين. فتقرر أن نستعمله في الغرض الذي دفع من أجله، وبدأنا نؤلف فرقتنا من العبد لله، والأساتذة عزيز عيد، وأمين عطا الله، وأمين صدقي، واستيفان روستي، وحسن فايق، وعبد اللطيف جمجوم، والسيدة روز اليوسف وغيرهم.
الفصل الرابع
في المسرح الكوميدي
فرقة الكوميدي العربي
أما المسرح الذي وقع عليه الاختيار كي تعمل به فرقتنا الجديدة فهو مسرح برنتانيا القديم.
وأطلقنا على فرقتنا الجديدة اسم «فرقة الكوميدي العربي» واتفقنا على أن نفتتح العمل برواية «خلي بالك من إميلي»، وكان قد نقلها عن الفرنسية الأستاذ أمين صدقي.
وجاء أول توزيع الأدوار، فاختصوني بدور «برجيه» والد إميلي: وهنا أستميح القراء الأفاضل في وقفة، على الهامش، تلجئني إليها أهمية ذلك التاريخ الذي أسرده بصدق وأمانة.
لا شك أنني كنت في ذلك الحين أهوى التمثيل من كل قلبي، ولكنه ميل كان منصبا على نوع واحد من هذا الفن هو «الدرام». أما الكوميدي فلم أكن أشعر نحوه بأية عاطفة. كما أنني كنت أحس أنني لم أخلق له، وإذا ما بدا لي أن أظهر في دور كوميدي فسيكون السقوط حليفي. والطماطم ... من الجمهور نصيبي!
والآن فلنعد إلى مواصلة حديثنا فنقول إن «برجيه» هذا جندي بوليس قديم، له ابنة جميلة كان يعيش عالة على كدها وسعيها، أو «بالمفتشر» عايش على قفا بنته، وإن المؤمن لا يستحي من الحق! الدور جامد، وبطل من أبطال الرواية، وفوق هذا وذاك فهو فكاهي خفيف.
অজানা পৃষ্ঠা