السنافور مفتوح!
لم يكن لي مثوى بعد هذا «الرفت» القاطع إلا «قهوة الفن» - أمام تياترو إسكندر فرح - أو منزل (حبيبة الفؤاد) في غيبة «صديق الطرفين» الأخ علي يوسف!
وما دام الحديث قد جرنا إلى هذين الصديقين فلنعرج عليهما بحادثة أخرى كاد يغمى علي بعدها. ذلك أن الفتاة - باعتبار ما كان - اتفقت وإياي على إشارة معينة هي أنها إذا وضعت نورا في النافذة، كان معنى ذلك أن علي بن يوسف غائب عن البيت، وأن في وسعي أن أزورها، والعكس بالعكس.
وفي إحدى الليالي تراءى لي أن نورا يشع من النافذة، فعرفت أن الطريق خال وأن السنافور مفتوح، فخلعت حذائي وتأبطته ثم صعدت درجات السلم بلا حركة، وطرقت الباب طرقا خفيفا جدا. وإذا الفاتح!! الفاتح هو غريمي العزيز علي يوسف!!! الذي تناول الحذاء من يدي، وتركني أعدو، إلى الشارع ببذلتي حافي القدمين!!!
4 جنيهات شهريا
أعود إلى قهوة الفن إياها. فأقول إنني اتخذت منها - بعد فصلي من البنك - محلا مختارا. وبعد أيام صادفني فيها الأستاذ أمين عطا الله فعرض علي أن أسافر معه إلى الإسكندرية بدال اللطعة اللي أنا ملطوعها، لأن أخاه الأكبر المرحوم سليم عطا الله ألف فرقة هناك هي محل عطف البلدية التي تساعدها بإعانة مالية. وقبلت بالطبع هذا العرض ولاسيما أن المرتب كان مغريا جدا ... أربعة جنيهات مصرية في الشهر! وهو أول مرتب ذي قيمة تناولته من التمثيل.
كانت فرقة المرحوم سليم عطا الله معتزمة تمثيل رواية (شارلمان الأكبر)، ولما كان العرف يقضي إذ ذاك بأن يسند دور البطولة إلى مدير الفرقة - وهو سليم عطا الله - فقد كان نصيبي هو الدور الثاني وهو دور شارلمان نفسه!
وتهيأت لي الفرصة التي كنت أرقبها من زمن، وهي أن يسند إلي دور في إحدى الدرامات. وفي نهاية الفصل الثالث من الرواية مشهد رائع وحوار بديع، بين (شارلمان) وبين بطل الرواية (سليم عطا الله) وقد أجهدت نفسي في أداء هذا المشهد وبذلت قصارى جهدي. فكان لي ما ابتغيت. إذ حالفني النجاح بشكل لم أكن أنتظره، حتى لقد أفهمني الكثيرون أنني طغيت على البطل نفسه وأغرقته في لجة الإعجاب التي سبحت فيها ظافرا.
وحين أسدل ستار هذا الفصل، هالني أن جمهرة من الفضلاء والأدباء - وأغلبهم من أصدقاء مدير الفرقة - صعدوا إلى المسرح وقابلوا المدير في غرفته، وطلبوا استدعائي حيث أجزلوا تهنئتي، ونصحوا للمدير بالاحتفاظ بي، لأنني سأكون - على حد قولهم - ممثلا لا يشق لي غبار.
وفرحت، لا بل «ظقططت» بعد هذا المديح الذي انهال علي من حيث لا أحتسب. وفي صباح اليوم التالي استدعاني الأستاذ سليم مديرنا (رحمه الله) فقلت يا واد جاك الفرج! وظللت أخمن وأحذر مقدار العلاوة التي سيتحفني بها وإن كنت أنا شخصيا قانعا بالجنيهات الأربعة التي ربطت لي.
অজানা পৃষ্ঠা