189

মুদাক্কিরাত

مذكرات هدى شعراوي

জনগুলি

يهمني أن أبلغ حضرة الأستاذ ومن حضروا خطبته أني في خدمتي لهذه النهضة أؤدي واجبا معهودا إلي من جمعية الاتحاد النسائي التي شرفتني برئاستها، ولما كان نصيب المرأة في الميراث ليس من المسائل الداخلة في هذا الموضوع، لا بإقرار الحالة الحاضرة ولا بتعديلها.

وإن كان لا بد من إبداء رأيي في هذا الموضوع، فأقول بصفتي الشخصية إني لست من الموافقين على رأي الأستاذ الخطيب فيما يتعلق بتعديل نصيب المرأة في الميراث. ولا أظن أن النهضة النسوية في هذه البلاد لتأثرها بالحركة النسوية بأوروبا يجب أن تتبعها في كل مظهر من مظاهرها، وذلك لأن لكل بلد تشريعه وتقاليده وليس كل ما يصلح في بعضها يصلح في البعض الآخر، على أننا لم نلاحظ تذمرا من المرأة أو شكوى من عدم مساواتها لرجل في الميراث، والظاهر أن اقتناعها بما قسم لها من نصيب، ناشئ من أن الشريعة عوضتها مقابل ذلك بتكليف الزوج بالإنفاق عليها وعلى أولادهما، كما منحتها حق استقلال التصرف في أموالها.

أما القول إن عدم المساواة في الميراث من دواعي إحجام كثير من الشبان عن الزواج في الشرق، فغير وجيه لأننا نشاهد في أوروبا انتشار هذا الداء في عصرنا الحالي انتشارا أشد خطورة منه في الشرق، بالرغم من أن الأوروبية ترث بقدر ما يرث الرجل، فضلا عن أنها ملزمة بدفع المهر، ومكلفة بالتخلي عن إدارة أموالها لزوجها.

ولو سلمنا بنظرية الأستاذ سلامة موسى وجاريناه في طلب تشريع جديد، فهل لا يخشى أن يؤدي ذلك إلى إسقاط الواجبات الملقاة على عاتق الزوج نحو زوجته وأولاده بإلزام الزوجة بالاشتراك في الصرف، وفي ذلك ما فيه من حرمان يعود بالشقاء والبؤس على الزوجات الفقيرات اللاتي لم ينلن ميراثا من ذويهن ... وهذه الطبقة تشمل أغلبية الزوجات، ولا يخفى ما هن عليه من جهل وأمية لا تسمحان لهن بمقاومة هذا الشقاء أو تلطيفه بخلاف مثيلاتهن في الفقر بأوروبا؛ لأن التعليم هناك يشمل كل الطبقات.

ترى الغربية أكثر حظا منها؛ لأنها تظهر لنا حائزة لقسط كبير من الحرية المدنية المساوية لحرية الرجل، بيد أنها أقل حظا من أختها الشرقية في الحرية الاقتصادية. فبينما الشرقية غير المتساوية مع الرجل في حق الميراث تتمتع بكافة أنواع الاستقلال في إدارة أعمالها وأموالها، نجد الغربية المساوية لأخيها في الميراث محرومة من هذه النعم، إذ لا يمكنها أن تنفق أي مبلغ من مالها، ولا أن تحترف حرفة دون تصديق زوجها وموافقته ... لذلك نراها ثائرة في جميع بلدان أوروبا على تلك القيود التي تحول بينها وبين الحرية الحقيقية والاستقلال منذ عصور طويلة.

ومن الرجم بالغيب أن يقال إن المرحوم قاسم أمين لما قام بنشر كتبه في سبيل تحرير المرأة، كان ينوي المطالبة بمساواة المرأة بالرجل في الميراث وإن الذي أخره عن إعلان هذا المطلب هو انتظار نضوج الرأي العام.

فالمطلع على كتب المرحوم قاسم يقرأ من بين سطورها أنه كان يعنى فقط بجعل المرأة عضوا صالحا في الهيئة الاجتماعية، وأن نعد الفتاة لتكون أهلا للقيام بنصيبها من العمل في خدمة عائلتها ووطنها.

ليس في شرائعنا ما يميز بين المرأة والرجل في التعليم، ولا في أنواع الحرف، ولا في الوظائف العامة بدون أي اعتراض بقدر تدرجها في التعليم، ولذلك نشاهد في كل عام ازدياد عدد الموظفات في وظائف التعليم ومصالح التليفونات والطب وغيرها، ولا فرق في الأجر بين الرجل والمرأة المتساويين في الكفاءة بخلاف ما هو جار في أوروبا اليوم.

إن أهم ما يشغلنا اليوم في الوصول بالمرأة إلى المركز اللائق بها، ليس هو السعي لتغيير القوانين أو قلب الشريعة، فلله الحمد لم نجد في هذه ولا تلك من الأحكام ما يحملنا على التذمر والشكوى ... بل كل ما نسعى إليه هو حسن تطبيق هذه القوانين بما يطابق غرض الشارع وحكمه، وكل المطالب التي تقدمنا بها إلى الحكومة ترجع إلى تحقيق هذا الغرض لتحسين حال العائلة وهنائها.

وما عرضناه تنظيما لمسائل الطلاق والزواج والحضانة وبيت الطاعة يرجع إلى هذا أيضا، ولا يخرج عن أحكام الشريعة الغراء.

অজানা পৃষ্ঠা