فانزعج الفضل تطيرا بذلك ، وعاد يكرر يمحو الله ويثبت ، فلما انتهى الى قوله :
سلام على الدنيا اذا فقدتهم
بنى يرمك من حاضرين وباد
استحكم تطيره ، فقام ودخل دار الحرم ، فلم يبق احد في المجلس الا واستقبح ذلك من اختيار ابي نؤاس.
وللتطير بابتداء الكلام ، وكذا التفاؤل به ، حكاية كثيرة ، لم نذكرها مخافة التطويل.
ومما ينبغي ان يجتنب في ابتداء المديح وغيره : اساءة الأدب فانه اذا احسن المتكلم في كلامه ، واساء في أدبه ، عطف الاساءة على الاحسان ، واستحق الهوان.
روى : ان ابا النجم العجلى ، دخل على هشام بن عبد الملك وكان احول فانشد ارجوزته التي يقول فيها : «الحمد لله الوهوب ..» حتى بلغ قوله :
والشمس صارت كعين الأحول
فغضب هشام ، وامر بضربه وسجنه.
ومن ذلك قول بعضهم وقد مدح زبيدة وهي تسمع :
زبيدة ابنة جعفر طوبى لزائرك المثابي
تعطي من رجلك ما يعطي الاكف من الرغاب
فهم الخدم والحشم بضربه ، فقالت : دعوه ، فانه لم يرد الاخيرا ولكنه اخطأ الصواب ، لأنه سمع قولهم في الشعر : «شمالك عندي خير من يمين غيرك ، وظهرك احسن من وجه سواك» فظن ان الذي ذهب اليه من هذا القبيل ، اعطوه ما أمل ، ونبهوه على ما اهمل.
পৃষ্ঠা ৩৩৪