من وجه أنها في أغلب أحوالها وأكثره أن أكلها النجاسة والحرام، وقد ثبت في بعض قول أهل العلم أنه لو أكل شيء من الأنعام شيئا من النجاسة قليلا أو كثيرا، كان لحمها نجسا حتى يحبس للطهارة عن ذلك، ولا يستقيم في المعاني أن يكون لحمها نجسا، وما فيها من الرطوبات طاهرا، ولا يستقيم إلا أن تكون كلها نجسة، إذا كان لحمها نجسا، إلى أن يستبرأ حالها من النجاسة إلى حال الطهارة ، فإذا ثبت طهارة لحمها ثبت طهارة سؤرها حينئذ، وجميع ما كان من رطوباتها، وهذا في أكل نجاسة واحدة، فكيف من الأغلب من أكله النجاسات، ولا يكاد أن يأكل إلا نجاسة. فهذا من وجه.
ووجه ثان أنه قد جاء النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ناب من السباع، فذهب من ذهب فيما قيل بهذا النهي إلى التحريم، وأنه حرام لنهي النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم عنه.
وذهب من ذهب فيما قيل إنه نهي أدب، وليس بتحريم، فإذا ثبت معاني التحريم فيها في ظاهر النهي، كانت كلها نجسة، وجميع ما كان فيها وما مست مثل القرد والخنزير.
ومعي أن بعضا من قال بهذا القول يفرق بين أشياء من هذه السباع في التحريم، فلا نراه -حراما لمعاني ثبوت اسمه في الصيد، فإن الصيد لا يكون حراما، ومن ذلك الضبع والثعلب ولعله غير هذا، ولا أعلم مؤكدا في هذا القول فيما حضر ذكره إلا هذا.
পৃষ্ঠা ১২৪