قال أمير المؤمنين عليه السلام لولده محمد رضي الله عنه: (تفقه في الدين فإن الفقهاء ورث الأنبياء) (1) وأن طالب العلم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الطير في جو السماء، والحوت في البحر وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به وقال الصادق عليه السلام: (الأنبياء حصون والعلماء سادة) (2) وقد خص الله طائفتنا باقتفاء الصدق، واتباع الحق، لتلقي الأحكام عن رؤساء أهل البيت، فهم معتمدون على التحقيق، مستندون إلى الذكر الوثيق، لا يلوون على قائل بظنه، شارع برأيه، يقول على الله ما لا يعلم، ويفتي بالوهم، وساء ما يتوهم ولما تعددت التبع، وظهرت البدع، وأقام كل فريق رأسا، يقتدون ببدعته، ويتعبدون بشرعته، وجب أن ينشر أهل الحق ما علموه، ويظهروا ما كتموه، قال النبي صلى الله عليه وآله: (إذا ظهرت البدع في أمتي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله) (3) ولما كانت الكتابة مناط الفهم، ورباط العلم، وصراط العصمة من الوهم، كما قال جعفر بن محمد: (اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا) (4) وقال للمفضل:
(اكتب، وبث كتبك في إخوانك، فإنه يأتي على الناس زمان، لا يأنسون إلا بالكتب) (5) أحببت أن أكتب دستورا يجمع أصول المسائل وأوائل الدلائل أذكر فيه خلاف الأعيان من فقهائنا، ومعتمد الفضلاء من علمائنا، وألحق بكل مسألة من الفروع ما يمكن إثباته بالحجة، وسياقته إلى المحجة، فقطعت الحوادث عن ذلك القصد، ومنعت الكوارب ورود ذلك الورد، حتى اتفق لنا إحضار كتاب الشرايع بالمختصر
পৃষ্ঠা ১৯