فليس بواهبٍ إلا كثيرًا ... وليس بقاتلٍ إلا قريعا
القريع: السيد الشريف.
يقول: إن الممدوح لا يهب إلا كثيرًا، وإذا قتل، لا يقتل إلا سيدًا شجاعًا كريمًا مقارعًا.
وليس مؤدبًا إلا بنصلٍ ... كفى الصمصامة التعب القطيعا
كفى: يتعدى إلى مفعولين: أحدهما التعب، والثاني القطيع، وهو السوط. تقديره: كفى الصمصامة القطيع التعب.
يقول: إنه لا يؤدب إلا بسيف فيقيمه في التأديب مقام السوط، فيكفي السوط التعب والعناء.
عليٌّ ليس يمنع من مجيءٍ ... مبارزه ويمنعه الرجوعا
يقول: إنه لا يمنع مقاتله من المجيء إلى قتاله ونزاله، ولكنه إذا أراد أن ينصرف، منعه من الانصراف بقتله، فينتفي الرجوع.
عليٌّ قاتل البطل المفدى ... ومبدله من الزرد النجيعا
المفدى: الذي يفديه كل واحد من الناس، لشجاعته. والزرد: الدرع. والنجيع: الدم الطري. وقيل: دم الجوف.
يقول: إنه يقتل البطل الذي يفديه الناس لشجاعته، ويسلبه درعه ويلبسه بدل الدرع الدم الطري، الذي يخرج منه بالضرب والطعن.
إذا اعوج القنا في حامليه ... وجاز إلى ضلوعهم الضلوعا
في حامليه: يجوز أن يريد به، المطعونين. ومعناه: إذا صارت الرماح معوجة في المطعونين، ونفذ ذلك الرمح من ضلع إلى ضلع آخر، أي يخرج من جانب إلى جانب آخر، من هذا المطعون إلى مطعون آخر، وجواب هذا الكلام، بعد البيت الذي يليه. ويجوز أن يريد بحامليه: أعداء الحاملين للرمح. وإنما خص الرمح؛ لأن طعن الرمح أدل على الفروسية والشجاعة، لأنه يقابل مثل سلاحك.
ونالت ثأرها الأكباد منه ... فأولته اندقاقًا أو صدوعا
الهاء: في منه ترجع إلى لفظ القنا وكذلك أولته. وفي ثأرها للأكباد.
يقول: إذا اعوج القنا، وانصدع واندق في الأكباد، فكأن الأكباد نالت ثأرها من الرماح بهذا الاندقاق فأعطت الأكباد القنا اندقاقًا أو صدوعًا.
فحد في ملتقى الخيلين عنه ... وإن كنت الغضنفرة الشجيعا
إن استجرأت ترمقه بعيدًا ... فأنت اسطعت شيئًا ما استطيعا
وروى: الخبعثنة فحد: أمر حاد يحيد، إذا تأخر عن المحاربة: والهاء في عنه: للممدوح، والغضنفرة: من صفات الأسد.
يقول: إذا اشتدت الحروب، واعوج القنا، ونالت الأكباد ثأرها من الرماح، فحد عنه، يا من يريد مبارزته عند التقاء الجيشين، وإن كنت أسدًا شديدًا شجاعًا، فإنه يقتلك لا محالة فتهلك.
وإن ماريتني فاركب حصانًا ... ومثله تخر له صريعا
أي: إن خاصمتني، أو شككت في قولي روى: حصانًا وجوادًا وصريعًا نصب على الحال.
يقول: إن خاصمتني أو شككت في إخباري من حال هذا الممدوح، فاركب فرسًا جوادًا ومثله في قلبك نصب عينيك، وإن كان غائبًا عنك فإنك تسقط من هيبته هالكا.
غمامٌ ربما مطر انتقامًا ... فأقحط ودقه البلد المريعا
البلد المريع، والممرع: هو الخصيب والمخصب وزنًا ومعنى.
يقول: إنه غمام يمطر خيرًا ونعمة إلا أنه ربما يمطر انتقامًا فيقحط قطره البلد الخصيب.
رآني بعد ما قطع المطايا ... تيممه وقطعت القطوعا
رأى: فعل الممدوح، وتيممه: فاعل قطع. والمطايا: مفعوله. وقطعت: فعل المطايا. والقطوع: مفعوله. وهو جمع القطع، وهو الطنفسة على ظهر البعير.
يقول: رآني الممدوح، بعد ما قطع المطايا، وأتبعها سيري إلى الممدوح وقصدي إياه، وقطعت المطايا الطنافس التي عليها؛ لطول ملازمتي لها؛ وكل ذلك لطول الطريق وبعد المسافة ومقاساة الشدائد. يذكر ذلك توصلًا إلى فضل عطاياه.
فصير سيله بلدي غديرًا ... وصير خيره سنتي ربيعا
يقول: لما رآني أعطاني إعطاءً واسعًا، حتى جعل سيله بلدي غديرا: وهو مقر الماء. وصير خيره سنتي كلها ربيعًا؛ لأنه أفضل فصول السنة.
وجاودني بأن يعطي وأحوى ... فأغرق نيله أخذي سريعا
جاود: فاعل من الجود.
يقول: جاد علي بالعطاء وجدت عليه بالاحتواء والأخذ فجعل أخذه منه جودًا، لأنه كان يعد أخذه نعمة من جملة النعم عليه، فأغرق نيله وإعطاؤه أخذي بسرعة: أي لم يبلغ أخذي عطاؤه، فكأنه غرق أخذي.
أمنسي السكون وحضرموتًا ... ووالدتي وكندة والسبيعا
1 / 76