ذباب السيف: حده. والهاء في منه الأول للقلم وفي الثاني للحسام، والضريبة: المكان الذي تصيبه الضربة. فضل قلمه على السيف.
يقول: حد السيف أنجى في ضريبته من حد قلمه، وحد السيف أعصى لصاحبه، وهذا أطوع.
وذلك أن الضارب إذا ضرب بسيفه ثم نبا سيفه عن التأثير، وإن شاء أمسكه قبل الضرب.
والقلم لا يخون صاحبه في حالٍ، فإذا كتب به: اقتل فلانًا لم يمكنه بعده ألا يقتله، وقد حمل إليه الكتاب ونفذ أمره فيه.
بكف جوادٍ لو حكتها سحابةٌ ... لما فاتها في الشرق والغرب موضع
يقول: هذا القلم الموصوف، بكف جوادٍ. أي الممدوح. لو حاكتها السحابة لشملت العالم مطرًا شرقًا وغربًا.
فصيحٍ متى ينطق تجد كل لفظةٍ ... أصول البراعات التي تتفرع
فصيحٍ: جر لأنه بدل من جوادٍ.
يقول: هو الفصيح؛ فكل لفظة من قوله أصول البراعات. فجعل كل لفظة أصولًا.
وليس كبحر الماء يشتق قعره ... إلى حيث يفنى الماء حوتٌ وضفدع
يشتق: بمعنى يشق.
يقول: ليس هذا الممدوح في سخائه كبحرٍ يقدر الحوت والضفدع على شقه إلى حيث يفنى الماء، بل هو أعمق وأنفع.
أبحرٌ يضر المعتفين وطعمه ... زعاقٌ كبحر لا يضر وينفع
الزعاق: المر الملح.
يقول مفضلًا له على البحر: إن البحر هو الذي يضر قاصديه، والطالبين المعروف منه، وماؤه ملحٌ مر، وهذا الممدوح ينفع معتفيه ولا يضرهم، وعطاؤه هنيٌّ وخلقه حلو شهيٌّ.
وقوله: لا يضر وينفع ليس المراد به أنه لا يضر أحدًا لأنه حينئذٍ لا يضر أعداءه وإنما المراد به أنه ينفع المعتفين والأولياء ولا يضرهم.
يتيه الدقيق الفكر في بعد غوره ... ويغرق في تياره وهو مصقع
تياره: أي موجه. ومسقع ومصقع: رويا جميعًا، وهو البليغ الفصيح.
يقول مؤكدًا لتفضيله على البحر: إن الرجل الدقيق الفكر يتحير في غوره ولا يدرك كنه وصفه، ويغرق في فضله الفصيح البليغ. شبهه بالموج.
ألا أيها القيل المقيم بمنبجٍ ... وهمته فوق السماكين توضع
توضع: أي تسرع في السير.
يقول: أيها الملك المقيم بمنبج، وهمته فوق السماكين تسرع في السير، وتجاوزهما لسرعتها.
أليس عجيبًا أن وصفك معجزٌ ... وأن ظنوني في معاليك تظلع؟!
وروى: معجزي. ومعاليك تظلع: أي تقصر وتعجز.
يقول: أليس بعجب أن وصفك يعجزني عن بلوغه؟! مع قدرته على الشعر. وأن ظنوني في معاليك تكل وتعجز؟! مع إصابتها في الأمور.
وأنك في ثوبٍ وصدرك فيكما ... على أنه من ساحة الأرض أوسع
يقول: العجب من كونك في ثوب، وكون صدرك فيكما: أي فيك وفي ثوبك. مع أن صدرك أوسع من ساحة الأرض جميعًا.
وقلبك في الدنيا ولو دخلت بنا ... وبالجن فيه ما درت كيف ترجع
التاء في دخلت: ضمير الدنيا. وبنا: كناية عن نفسه، وجميع الناس.
يقول: قلبك في الدنيا، وهو في سعته بحيث لو دخلت الدنيا بالإنس والجن فيه لتحيروا ولم يدروا كيف يرجعون؛ لسعة صدرك وصغر الإنس والجن عن قدره.
ألا كل سمحٍ غيرك اليوم باطلٌ ... وكل مديحٍ في سواك مضيع
غيرك: نصب لأنه استثناء مقدم. وروى: بالجر صفة لسمح.
يقول: كل جواد ما خلاك، بالإضافة إليك باطل. وكل مديح يقال في غيرك فهو مضيع؛ لأنه لا يعرف حقه ولا يوجد فيه من المعاني ما وجد فيك.
وقال أيضًا يفتخر في صباه على لسان بعض التنوخيين وقد سأله ذلك:
قضاعة تعلم أني الفتى ال ... ذي ادخرت لصروف الزمان
قضاعة: بطن من تنوخ، وهم من بني قحطان.
يقول: تعلم هذه القبيلة، أني فتاها الذي أعدته لصروف الزمان، وأنهم يلتجئون إلي عند الشدائد، فأكشفها، وهذا ادخارهم له.
ومجدي يدل بني خندفٍ ... على أن كل كريمٍ يماني
خندف: أم العرب.
يقول: يدل شرفي العرب كلهم، على أن كل كريمٍ من أهل اليمن، لا من ربيعة ومضر، وسائر العرب. ويمانٍ: منسوب إلى اليمن، يعني: يمني. يقال: رجل يمانٍ وامرأة يمانية بالتخفيف.
أنا ابن اللقاء، أنا ابن السخاء، ... أنا ابن الضراب، أنا ابن الطعان
أنا ابن الفيافي، أنا ابن القوافي، ... أنا ابن السروج، أنا ابن الرعان
1 / 27