মু'জিজ আহমদ
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
জনগুলি
বাগ্মিতা
يقول: لما مررت على جبال أنطاكية سجدت لك، وأطالت السجود تعظيمًا لك، فانحسر النبات عن رأسها، فصارت قرع.
وقيل: إنه من قولهم قرع الإناء عما كان فيه: أي خلا عنه. يعني: أنك لما مررت عليها وجاوزتها ولم تقم بها، خلت عن السجود بعد ما لم تكن خالية منه، لأنك وأصحابك شغلتها بالسجود حين نزلت فيها. وروى: قرعت: أي قرعت إلى السجود. إعظامًا لك، فانحسر عنها النبات.
أخلت مواهبك الأسواق من صنع ... أغنى نداك عن الأعمال والمهن
الصنع: الحاذق بالصناعة. والمهن: جمع المهنة، وهي الخدمة والتبذل.
يقول: إنك أغنيت جميع الناس حتى خلت الأسواق من الصناع، وأغنيت الناس عن الصنائع والخدمة، لأن إحسانك قد كفل حاجاتهم وسد خلاتهم.
ذا جود من ليس من دهرٍ على ثقةٍ ... وزهد من ليس من دنياه في وطن
يقول: جودك بالأموال، جود من يعلم أنها زائلة عنه، وزهدك في الدنيا. زهد من يعلم أنه راحل عنها، فليس يرى دنياه من جملة وطنه، فلا يغتر بها ولا يثق بكونه فيها!
وهذه هيبةٌ لم يؤتها بشرٌ ... وذا اقتدار لسانٍ ليس في المنن
يقول: لم يؤت أحدٌ من البشر مثل هيبتك، وقدرة اللسان التي لك ليست في قوة أحد، والمنة: القوة.
وقيل: أراد بالثاني نفسه.
يعني: أن مدحي إياك وإنشادك القصيدة، ليس في مقدور أحد مثل ذلك، ولا لأحد من القوة مثل قوتي في المدح.
فمر وأوم تطع قدست من جبلٍ ... تبارك الله مجري الروح في حضن
حضن: اسم جبل بنجد. وفي الأمثال: أنجد من رأى حضنًا.
يقول: مر الناس إن شئت، وأوم: أي أشر من الإشارة إن شئت، فإنهم يطيعونك. قدست: أي طهرت من جبل. شبهة بالجبل لعظم هيبته وهمته وثبات عزه فتبارك الله الذي أجرى الروح في جبل.
وورد على أبي الطيب كتابٌ من جدته لأمه من الكوفة تستجفيه فيه! وتشكو شوقها إليه، وطول غيبته عنها، فتوجه نحو العراق ولم يمكنه دخول الكوفة على حاله تلك، فانحدر إلى بغدد، وقد كانت جدته يئست منه، فكتب إليها كتابًا يسألها المسير إليه، فقبلت كتابه وحمت لوقتها سرورًا به! وغلب الفرح على قلبها فقتلها! فقال يرثيها ويتحسر على وفاتها في غيبته ويفتخر بنفسه:
ألا لا أرى الأحداث حمدًا ولا ذمًا ... فما بطشها جهلًا ولا كفها حلما
يقول: إني لا أظهر للحوادث ولا أريها حمدًا ولا ذمًا، لأنها لا تستحق ذلك، لأنها تأتي من غير قصد، وذلك فعل الله تعالى، فلا أحمدها إذا أمسكت ولا أذمها إذا أصابتني؛ لأن بطشها ليس بفعل منها فأعده جهلًا منها، ولا كفها حلمًا، فلا معنى للمدح ولا للذم لها.
إلى مثل ما كان الفتى مرجع الفتى ... يعود كما أبدى ويكرى كما أرمى
أبدى: أصله بدأ. ويكرى: ينقص. وأرمى: زاد.
يقول: إن الإنسان إذا بلغ الغاية من عمره، أخذ في النقصان إلى أن يعود إلى ما كان عليه، ابتداء من العدم وإلى في قوله: إلى مثل متعلق بقوله: مرجع الفتى.
لك الله من مفجوعة بحبيبها ... قتيلة شوقٍ غير ملحقها وصما
المفجوعة: المتألمة للمصيبة. وقوله: لك الله دعاء لها. أي كان الله لك حافظًا. وقيل: إنه تعظيم لحالها في شدة فجيعتها، والوصم: العيب، أي أنها ماتت شوقًا إليه!! وهذا الشوق الذي قتلها لا يلحق بها عارًا؛ لأنه شوق لولدها.
أحن إلى الكأس التي شربت بها ... وأهوي لمثواها التراب وما ضما
الكأس: هو الموت. ومثواها: إقامتها.
يقول: أشتاق إلى الموت بعدها؛ لألحق بها، وأحب التراب، وما ضمها من القبر لأجل إقامتها فيه.
بكيت عليها خيفةً في حياتها ... وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما
الثكل: موت الولد الحميم. وقدما: نصب على الظرف. أي في زمان وروى: خيفة وحقبة أي مدة من الدهر.
يقول: بكيت عليها قبل موتها خوفًا من ألا ألقاها، وذاق كل واحد منا ثكل صاحبه قديمًا؛ بما كان بيننا من طول الفرقة وبعد المشقة.
ولو قتل الهجر المحبين كلهم ... مضى بلدٌ باق أجدت له صرما
أجدت: أي جددت. وفاعله: المرثية.
يقول: إن أهل بلدها كانوا يحبونها؛ لسترها ودينها، فلو كان الهجر يقتل جميع المحبين لما كان أهل بلدها والذين يحبونها باقين بعدها، بل كانوا يمضون بمضيها ولا يبقوا بعدها. وقد جددت هذه المرأة لهم قطيعة.
1 / 148