الْمُقدمَة
الْحَمد لله وَكفى، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على الْمَبْعُوث رَحْمَة للْعَالمين، وعَلى آله الطبيبين الطاهرين، وصحابته الْمُكرمين.
وَبعد:
فإنّ من أعظم الطَّاعَات والقربات الَّتِي يُتقرب بهَا إِلَى رب السَّمَوَات وَالْأَرضين وَمَا بَينهمَا: طلب الْعلم، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ٤] .
وَقَالَ - أَيْضا ـ: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون﴾ [التَّوْبَة: ١٢٢] .
وَقَالَ - سُبْحَانَهُ ـ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩] .
وَقَالَ - جلّ فِي عُلاه ـ: ﴿يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا العلمَ دَرَجَات﴾ [المجادلة: ١١] .
وَقَالَ سيد الْبشر: "خَيركُمْ: من تعلم الْقُرْآن وعلّمَه" [رَوَاهُ البُخَارِيّ (٦/١٠٨) فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن] .
وَقَالَ - صلوَات رَبِّي وسلامُه عَلَيْهِ ـ: "من سلك طَرِيقا يَبْتَغِي فِيهِ علما سهّل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة؛ وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع أَجْنِحَتهَا لطَالب الْعلم رضَا بِمَا صنع، وَإِن الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض حَتَّى الْحيتَان فِي المَاء، وفضلُ الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر على سَائِر الْكَوَاكِب؛ وَإِن الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء، وَإِن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما، وَإِنَّمَا ورّثوا الْعلم؛ فَمن أَخذه أَخذ بحظٍّ وافر" [رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه (٥/٤٨ - ٤٩)] .
وَإِن أشرف الْعُلُوم على الْإِطْلَاق: الْعلم المتعلِّقُ بِاللَّه وبأسمائه وَصِفَاته وأفعاله وكلامِه وإفرادِه بِالْعبَادَة؛ لِأَن الْعلم يَشْرُف بشرف الْمَعْلُوم.
1 / 327