আধুনিক নাগরিক জীবনের জটিলতা
معضلات المدنية الحديثة
জনগুলি
خذ لذلك مثلا مبدأ المحاكاة في الطبيعة -
Mimiery - فإنه مبدأ ينطبق على كثير من الصور الدنيا كما ينطبق على جزء قليل من الصور العليا في عالم الحيوان، كما أن له أثرا في عالم النبات، فمحاكاة الحشرات للبيئة المحيطة بها من أكبر الوسائط التي تتذرع بها الطبيعة لوقاية أنواعها. ولا تقتصر هذه الوقاية على رد غائلة أعدائها عنها، بل تتعدى إلى حفظ حياة بعض الأنواع، إذ تهيئها بفرصة تجعل حصولها على غذائها أكثر سهولة، فإن الحشرات العضوية مثلا، وهي التي تشابه العصا، لا يمكن أن نفرق بينها وبين أي غصن من الأغصان التي اعتادت ارتيادها، وبذلك تتهيأ بفرصتين: الأولى خديعة أعدائها، والثانية مخادعة فرائسها، إذ تنبو عن أنظارهم، فيفوت الأولين افتراسها، ولا يفوتها افتراس الآخرين.
عثرت ذات يوم على حرباء في شمالي مصر، وكانت على غصن شجرة بجواري، ولم ينبهني إليها إلا طفل صغير أمسك بها فأزعجته حركتها البطيئة، إذ كان يتصور أنها جزء من الشجرة لا حيوان متحرك، فنقلتها إلى غصن شجرة أخرى أقل اخضرارا، فامتقع لونها أولا ثم لم تلبث أن أصبحت بلون ورق الشجرة تماما، ولما لففتها بقطعة قماش سوداء اسود لونها بسرعة، ثم نقلتها فجأة إلى صندوق لففته بقطعة قماش حمراء فاحمر لونها إلى درجة ما، وهكذا دواليك لا يحيط بها وسط إلا واندمجت فيه بسرعة حتى ضرب بها المثل في التقلب وعدم الثبات على شيء واحد. والظن الغالب أن الطبيعة لم تحب الحرباء بهذه الصفة إلا لتعوض عليها ما خصتها به من ثقل الحركة وبطء الانتقال، فإنها إذ تقتات على الحشرات دون غيرها لا تستطيع أن تقبض عليها إلا إذا خدعتها الطبيعة عن الحرباء بخداع المحاكاة في اللون. والحرباء لا تهاجم فرائسها، بل تظل إذا ما أخذت لون الوسط المحيط بها واقفة بضع ساعات تنتظر أن تقترب منها حشرة فتلتهمها، فلو أنها خصت بصفة الثبات على حالة واحدة لاستطاعت الحشرات أن تميزها بسهولة، وكان من الواجب في تلك الحال أن تخصها الطبيعة بسرعة الحركة وإلا انقرض نوعها.
ولا تدل المحاكاة في مباحث التاريخ الطبيعي على مشابهة آتية من طريق الإرادة والإدراك، فإنها صفة لا إرادية تتصف بها الحيوانات وتوجه بكليتها إلى نفع الأحياء. وكل ما يعنى بالمحاكاة إنما ينحصر في مماثلة ذات فائدة تعطي الحيوانات المحاكية فرصة للاختفاء عن أعين مفترسيها، أو تزودها بصفة تجعل حصولها على غذائها أكثر سهولة وأسرع متناولا.
وليست المحاكاة صفة شائعة بين الحيوانات العليا، فهي نادرة بين الحيوانات الفقارية، وهي أشد ندرة بين الثدييات، فإن علماء التاريخ الطبيعي لا يروون من حالات المحاكاة بين الثدييات سوى حالة اختص بها جنس يقطن بعض جزر الملايو ويدعى اصطلاحا في اللسان الحيواني «الكلادوبيت
Cladobates » وهو من الحيوانات الحشرية آكلة الحشرات
Insectivora ، فإن كثيرا من أنواعه تحاكي السنجاب العادي في الحجم واللون وفي كثاثة شعر الذيل وكثافته، ولقد قال فيه العلامة «وولاس» زميل «داروين»: إن هذه الصفة قد تساعد تلك الأنواع على أن تفترس الحشرات والطيور التي تغتذي بها بسهولة، إذ تخدع عنها تلك الحيوانات بالسنجاب الذي لا يأكل إلا الثمار. وفي هذه الحال وغيرها من الحالات الشبيهة بها لا تعد المحاكاة صفة واقية، أي صفة سلبية، بل صفة هجومية إيجابية ينتفع بها الحيوان في الحصول على غذائه.
أما في الطيور فقد ذكر مستر «وولاس» أن مشابهة «الكاكو
Cuckoo »، وهو طير ضعيف الجسم فاقد القوة لا يحسن عن نفسه دفاعا، لجنس البازي ولطيور الفصيلة الدجاجية
Gallinaceous Tribe ؛ قد تعد حالة من حالات المحاكاة الحقيقية. غير أن لدينا مثلا آخر من أمثلة المحاكاة بين الطيور، ففي أستراليا وما يجاورها من البقاع يقطن نوع من الطير يقال له في اللسان الحيواني «تروبيدورنكس
অজানা পৃষ্ঠা