মুহাম্মদ আলীর শাসনামলে মিশরের রাজনৈতিক দিকনির্দেশনা: আধুনিক মিশরের প্রতিষ্ঠাতা

কালি আহমাদ শুক্রি d. 1360 AH
67

মুহাম্মদ আলীর শাসনামলে মিশরের রাজনৈতিক দিকনির্দেশনা: আধুনিক মিশরের প্রতিষ্ঠাতা

الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة

জনগুলি

وخيل إليه أن والي مصر سوف يبقى على كل حال حليفا إيجابيا لفرنسا يمكن الاعتراف به في الوقت المناسب «كما كتب بوليناك نفسه» بأنه من مساعدي ملك فرنسا.

14

ولكن بوليناك لم يحسب حساب حليفه المزمع في تقديراته هذه؛ فإن محمد علي كان من بداية الأمر مصمما على أن لا يخطو خطوة إلا إذا نال من المزايا البحرية والسياسية ما يرجح كفة الفائدة من السير في هذا المشروع، ثم إنه لا يعقل أن يكون قد قابل بالارتياح تردد السياسة الفرنسية وقتئذ وتذبذبها؛ لأنه - وهو الرجل المعروف بمضاء العزيمة - كان يشعر بكثير من الاحتقار نحو أولئك الرجال الذين يغيرون آراءهم وينقضون ما أبرموه بين عشية وضحاها. وأغلب الظن أن اضطراب الخطط الفرنسية وتناقضها قد دفعه إلى الارتياب في فوائد المحالفة التي يعقدها مع فرنسا، وهي محالفة - مهما كانت فوائدها ومزاياها - لا بد أن يصحبها عداء الإنجليز على طول الزمن؛ ولهذا كله استقر رأيه على رفض الاقتراحات الفرنسية قبل أن تبلغ له مذكرة لورد أبردين.

وبعد أيام قلائل استقبل القنصل البريطاني العام الذي حضر إلى القاهرة من الإسكندرية خصيصا ليبلغه نصائح أبردين، فاعترض نائب السلطان بأن تحذير الإنجليز لا لزوم له، ثم راح مرة أخرى - كما فعل مرة من قبل مع صولت - يشرح ميوله ويعلن رغبته في الوصول إلى تفاهم ودي مع بريطانيا العظمى، وقد سأل القنصل السؤال الآتي: «ألست ترى أن من المستحيل الاحتفاظ بالباب العالي؟ قد تستطيعون الترقيع هنا أو الترقيع هناك، ولكن تعرفون أن كل هذا مجهود ضائع عبثا؛ إذ ما عساكم تصنعون بحكومة فقدت ثقة الشعب في قلب العاصمة والأقاليم؟! ...» ولهذا كان من العبث الاعتماد على الأتراك في مقاومة الاعتداء الروسي في المستقبل مقاومة فعالة، وبالرغم من ذلك كله فإن الاحتفاظ بالباب العالي من الأمور التي تمس مصالح بريطانيا العظمى في الصميم. ثم استرسل الباشا، فقال: «فالطريقة الوحيدة لتقوية السلطان تنحصر في تقويتي وشد أزري؛ لأنكم لو شددتم أزري لأصبح تحت تصرف السلطان في الحال جيش منظم يبلغ عدده 125000 جندي على استعداد تام للوقوف كالسد المنيع في وجه روسيا لا في الآستانة وحدها بل في فارس أيضا؛ إذ لا محيص للإنجليز من الاصطدام بروسيا في فارس؛ إذ ما هي فائدة اختلاس النظرات من خلال أصابعك مع الادعاء في الوقت نفسه بأنك لا تبصر شيئا؟! ولقد زال الباب العالي فينبغي إذن على إنجلترا أن تعد في آسيا قوة لصد الروس؛ فأين يا ترى يسعها إيجاد هذه القوة إلا معي ومع ابني من بعدي؟! ...»

ثم أخذ يسهب في سهولة انضمام العثمانيين إليه والتفافهم تحت رايته، قال: «لو استقر رأي الإنجليز على تأييدي ...» واسترسل في وصف موارده التي قال بحق: «إن الوزارة البريطانية قد بخستها قدرها.» وأخيرا صرح قائلا: «إن الإنجليز لو اتخذوني صديقا لهم لأصبح في وسعي أن أفعل ما أريد، أما بدون صداقتهم فليس يسعني أن أفعل شيئا ... ولقد أدركت منذ أمد بعيد أن ليس في استطاعتي الإقدام على عظائم الأمور بدون إذن إنجلترا؛ لأنني أينما التفت بوجهي أراها واقفة لي بالمرصاد ومستعدة لإحباط تدابيري.»

ويندر أن يكشف الساسة مكنونات صدورهم لسامعيهم إلا بالقدر الملائم لا أكثر ولا أقل، ولم يكن محمد علي بالطفل الغر الذي يزل لسانه إلا بالشيء الذي يرومه.

ولكن ليس من ريب في أنه كان مخلصا فيما قاله عن موقفه إزاء بريطانيا؛ لأنها كانت تحيط به من كل جانب إحاطة السوار بالمعصم، ولم يكن في استطاعة دولة أخرى عدا إنجلترا أن تقدم له مساعدة فعالة كمساعدتها، ثم إنه لم يعد الحقيقة فيما ذكره عن موقفه وعن الفرص التي تنتظره، ولقد كان وقتئذ القوة الوحيدة الحية القادرة على النمو والترقي في العالم الإسلامي بأسره، وبهذه الصفة كان في وسعه بالاشتراك مع إنجلترا ومساعدتها له أن يؤسس في ظل الخلافة العثمانية دولة عظيمة كالتي أنشأتها شركتنا الهندية الشرقية في ظل إمبراطورية دلهي.

ولكن لا بد لنا أن نسأل مرة أخرى: ما هي المزايا التي كان يسعه تقديمها لحمل الساسة الإنجليز على ترك سياستهم التي أعلنوها واستبدالها بسياسة لإنشاء دولة جديدة في الشرق الأدنى؟ فلو رسخت أقدامه يوما ما على حدود فارس وامتد سلطانه من القاهرة إلى بغداد ألا يمكن أن يتقدم إليه الروس بما يغريه على ترك أصدقائه الإنجليز وقلب ظهر المجن لهم، وإذن يصبح مركزنا في خطر محقق، إلا أن تأييدنا لسياسة مصر في الفتح لا يمكن أن يسوغه إلا باعث قهري، ومثل هذا الباعث لا يحتمل على الأرجح أن يتهيأ إلا إذا حدثت أزمة أوروبية عظيمة ليس غير. وعلى كل، فإن مجرى السياسة الإنجليزية بوجه عام لم يكن على التحقيق معارضة عظيمة لمصر كما توهم بعض الكتاب، بل لتظل مصر في أنحاء خارجة عن حدود البلاد الطبيعية.

ومن جهة أخرى، فإن محمد علي كثيرا ما رمى بعينيه إلى امتلاك أقضية سوريا الأربعة، وقد كان يعتقد أن امتلاكها يؤمن أراضيه المصرية ضد غارات الأتراك ويضع في قبضة يده مدينة القدس إحدى مدن الإسلام المقدسة؛ وبذا يرفع مكانته ويضاعف هيبته في نظر العالم الإسلامي ويزيد من موارده في المال والرجال كما حسب ذلك وجاءت الحوادث تكذب حسابه. أجل؛ إن امتلاك هذه الأقضية يعطيه دمشق إحدى المراكز المهمة للثقافة الإسلامية، ثم إنه بذلك يستولي على مناطق غنية بأخشابها فيوفر على نفسه ابتياع الأخشاب من تريستا بأثمان باهظة، هذا إلى أن ذلك يقيم الدليل أمام الملأ على صحة النظرية التي يتشبث بها؛ وهي زوال سلطة الباشا الوالي وانقراضها وقدرته وحده على تنظيم سلطة تركيا من جديد وردها إلى الشباب بعدما دبت فيها الشيخوخة ونخر عظامها الهرم.

وكانت الأقضية الأربعة المذكورة في حالة رثة، فقد تغلغلت فيها القلاقل، بحيث لا يضمن سعاة البريد أن يجتازوها بسلام.

অজানা পৃষ্ঠা