মুহাম্মদ আলীর শাসনামলে মিশরের রাজনৈতিক দিকনির্দেশনা: আধুনিক মিশরের প্রতিষ্ঠাতা
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
জনগুলি
ويظهر أن الإمبراطورية العثمانية كانت مرتاحة كإمبراطورية المغول وإمبراطورية المرانا والفرس والصينيين أشد الارتياح إلى عدم تعيين حدود أراضيها بصفة قاطعة؛ مما فتح الطرق أمام الآستانة لاستنكار أو تجاهل ما قد يقوم به الجيران من الحكام من أعمال الاعتداء والاستفادة من أعمال ولاتها في الأقاليم أو التنصل منها حسب ما يتراءى لها، فلقد كانت توجد دائما فيما وراء الأقاليم الواقعة تحت إدارة السلطان الفعلية والاسمية مناطق مبتهجة كان الأتراك قد هبطوها مرة كفاتحين.
وكان وجودهم فيها داعيا لإدخال الرعب مؤقتا في قلوب زعماء هذه الجهات، وحملهم على إعلان خضوعهم وطاعتهم لهؤلاء الفاتحين أو لتقديم ولائهم للسلطان بصفته الخليفة؛ طبقا للتقاليد الإسلامية القائلة بوجوب الاعتراف به والنزول على أوامره ونواهيه؛ فهذه المطالب التي لم تكن لتحتمل البحث لو عرضت أمام قضاة أوروبيين قد تناولت البقاع الممتدة على طول حوض البحر الأحمر وما وراءها إلى عدن، ثم عبر البحر المذكور إلى بعض المواني الصغيرة كمصوع وسواكن على الشاطئ الأفريقي، وهذا هو السر في أن لقب إبراهيم باشا تضمن أيضا الإشراف الاسمي على الحبشة، وهو الإشراف الذي لم يكن يزيد في الواقع على مجرد الحق في تعيين حكام في المواني؛ لتحصيل المكوس على منتجات السودان كالصمغ والعاج والرقيق، وهي المنتجات التي كانت تسير بها القوافل لبيعها لتجار جوجاراتي الذين يؤمنون مواني البحر الأحمر.
31
على أن محمد علي لم يقتنع مطلقا بهذه السلطة المحدودة؛ لأنه كان يطمع في الإشراف على التجارة نفسها؛ فلقد كان راسخا في اعتقاده أن أراضي السودان والحبشة غنية بما فيها من معدن الذهب، كما أنه كان يعرف أن الجنوب هو المورد العظيم لأولئك الأرقاء السود والأقوياء ولهم قيمة كبرى في مصر؛ فهذه البواعث الثلاثة كلها كانت قوية. ومن المتعذر أن يقول الإنسان هنا هل كان محمد علي مدفوعا برغبته في العثور على مناجم الذهب؛ ليتمكن من اكتساب صداقة ديوان الآستانة بأسره، أم كان مدفوعا بأمل الحصول على الرقيق؛ لتدريبهم على الشئون العسكرية تمهيدا لتكوين جيوش منهم تمكنه من الاستغناء عن مشاغب الألبانيين والأتراك، بحيث يستطيع يوما ما تحدي السلطان وكل ما يحشده من جنود وجحافل؟
ومن ثم أعد محمد علي العدة للقيام بحملة كبيرة إلى جهات الجنوب متظاهرا بأن الغرض منها رد إهانة قيل إنها موجهة من سلطان سنار، ثم لفتح الطريق أمام القوافل التجارية للوصول إلى القاهرة عن طريق النيل، ولم ينتصف العام حتى كان قد احتشد نحو 5000 جندي في وادي حلفا؛ وهي المنطقة التي لم يكن نفوذ الباشا يتجاوزها كثيرا، ثم عهد بقيادة الحملة إلى إسماعيل ثالث أولاد محمد علي، وقد عين في هذا المنصب للتمرس في شئون الحكم والحرب،
32
وسرعان ما تمكن إسماعيل من فتح إقليم سنار والقسم الشرقي من السودان وإخضاع زعماء هذه المناطق بعد قليل من المقاومة، ولم يكن ثمة ما يقتضي المباهاة في فتح هذه الجهات؛ أولا: لقلة دراية السودانيين باستعمال الأسلحة النارية. وثانيا: لانقسام الأهالي بعضهم على بعض برياسة زعيمين كانا يتطاحنان على الزعامة، وقد قتل أحدهما الآخر ثم فر إلى الحبشة. ومن ثم بادر الملك الأسمى إلى التسليم، ثم واصل الجيش المصري زحفه جنوبا إلى أن وصل إلى نقطة واقعة بين خطي العرض 10 و11 في الشمال
33
على أن الزحف هنا لم يكن مصحوبا بالتوفيق الذي شوهد في بدء الحملة؛ فقد كانت الغابات والأحراش من أكبر العوائق في سبيل الفاتحين، مع أن الدفاع عنها كان سهلا، وتفشت الدوسنطاريا وأمراض هذه المناطق بين الجنود المصرية، وقلت المئونة، وهكذا رأى إسماعيل نفسه مضطرا إلى الانسحاب إلى سنار.
وكانت تقدمت في الوقت نفسه قوة من الجند بقيادة صهر الباشا الدفتردار بك قاصدة إلى كردفان والشطر الغربي من السودان، وبعد مقاومة أشد مما شوهد في سنار سقطت الأبيض وأعمل الجنود السلب والنهب فيها، وهكذا تم فتح السودان، ولكن إدارته تركت لأيد غير متمرسة. ولقد كان في نية محمد علي أن يعهد إلى إبراهيم بإدارة ذلك القطر وتنظيمه، ولكنه أصيب بالدوسنطاريا على أثر وصوله واضطر إلى العودة لمصر من فوره.
অজানা পৃষ্ঠা