ظلم والجور اللذين اجتمعا
فأصاب الشام ما حل بها
سنة الله التي قد أبدعا
ثم سار السلطان العثماني بعد فتح الشام إلى مصر، وقتل الملك طومانباي الذي ولاه المصريون بعد قانصوه الغوري، وبسط نفوذه على مصر، ثم رحل إلى عاصمة ملكه وأخذت البلاد تقاسي الويلات من الجند العثماني الذي كان ينهب البيوت ويقطع الأشجار. وما كانت الحال في الشام بأحسن منها في مصر، فقد أصبح البلدان تحت رحمة باشوات الترك وجندهم، وكيف يكون الجند والباشوات صالحين وسلطانهم كما يصفه المؤرخ المصري ابن إياس: «لا أنصف مظلوما من ظالم، بل كان مشغوفا بلذته وسكره، وإقامته في المقياس بين الصبيان المرد ويجعل الحكم لوزرائه بما يختارونه، وكان ابن عثمان لا يظهر إلا عند سفك دماء الشراكسة، وما كان له أمان إذا أعطاه لأحد من الناس، وليس له قول ولا فعل، وكلامه ناقض ومنقوض، لا يثبت على قول واحد كقول الملوك وعادتهم في أفعالهم.» هذا وقد ساق السلطان ابن عثمان من مصر والشام أحمالا وأحمالا من الذهب والمتاع والكتب والتحف والرياش والأثاث، ووضع الضرائب والمكوس، وأهلك الناس بما فرضه عليهم من الضرائب. ولما هلك سليم وجاء ابنه سليمان هان أمر مصر والشام؛ فإنه كان مشغولا عن تنظيم البلاد المفتوحة الخاضعة له بالفتوحات الجديدة التي كان يطمع فيها، وقد خرج هو بنفسه إلى الغزو والفتح أكثر من اثنتي عشرة مرة، وكان يظفر في كل موقعة؛ فوسع رقعة المملكة العثمانية، ولم يكن للبلاد المصرية والشامية في عهد سليمان إلا أن تظهر أفراحها بالفتوحات وتعاني الأمرين من الجند الانكشارية والسباهية والدالاتية. ثم خلفه ابنه سليم السكير وكان شر الناس أخلاقا وسيرة، ثم جاء بعده مراد الثالث وقد لقيت البلاد المصرية والشامية في عهده كل عنت وإرهاق، ولما انتهى القرن العاشر ودخل القرن الحادي عشر، أمل الناس تغير النظام القديم المضطرب الذي كان أقل شيء فيه عدم استقرار الولاة واضطراب إدارتهم، فإن الوالي كان لا يقيم في البلدة إلا ريثما يخرب وينهب ويضرب الضرائب، وقد بلغ عدد ولاة دمشق في ذلك القرن واحدا وثمانين واليا، وعدد ولاة حلب أكثر من 50 واليا، والذين تولوا مصر أكثر من ثلاثين، وقد كانت البلاد تقاسي الويلات والشدائد منهم. وكان الوالي الصالح منهم لا يستقر ليتوفر على الإصلاح، وفظائع الولاة العثمانيين في مصر والشام أكثر من أن تحصى، ومن شر الولاة العثمانيين في مصر محمود باشا المقتول وكان فيها سنة 973ه، وقد نظم بعض أدباء مصر تاريخ وفاته فقال:
موت محمود حياة
فيه للعالم رحمه
قتله بالنار نور
وهو في التاريخ (ظلمه/975)
وقال آخر:
أتى محمود باشا يوم نحس
অজানা পৃষ্ঠা