নাসির থেকে যুদ্ধ পর্যন্ত মিশর
مصر من ناصر إلى حرب
জনগুলি
هذا سؤال صعب، لعل أحدا في مصر لا يملك الإجابة عليه. البعض يقول إن أصدقاءه هم الذين أنهوا معه الكلية الحربية، وهم ليسوا ممن أصبحوا من المشاهير ، وإنما الذين بقوا في الظل لسبب أو آخر. ربما، لكن انطباعا تولد لدي مفاده أن السادات كان وحيدا بالمعنى الإنساني. لعل ذلك يرجع، على الأرجح؛ لأنه كان شخصا شديد المراس، ومن ثم يصعب التقرب منه؛ فأمثاله لا يحبون أن يتعاملوا مع الناس ببساطة وحسن طوية، وهو من الذين لا يكترثون بالآخرين ولا يعترفون لهم بحقهم الكامل في أن تكون لهم أفكارهم المستقلة، بقدر ما يخشون أن يقوم أحدهم بالتآمر عليه أو تقويض نفوذه.
كان السادات شكاكا ليس فقط تجاه الناس، وإنما أيضا تجاه صحته. كان كثيرا ما يشكو لي أن صحته ليست على ما يرام بسبب سوء حالة قلبه. وقد قاموا في موسكو بفحصه عدة مرات فلم يجدوا لديه أيا من تلك الأمراض التي من شأنها أن تكون سببا بالفعل لاعتلال صحته.
لكن صحته لم تمنعه من تدخين الحشيش، وهذه المسألة لا تعد في مصر من الرذائل الكبيرة، وفي الوقت نفسه، كان المثقفون المصريون يأخذون موقفا سلبيا تجاه هذه العادة التي يمارسها الرئيس. كان السادات يدخن الحشيش في وجودي دون خجل، فكان يحشو غليونه بشكل دوري بتلك الكرات البيضاء. وعندما جاء ألكسي كوسيجين إلى القاهرة أثناء العمليات العسكرية، كان السادات يدخن غليونه دون انقطاع إبان المباحثات دون أن يخجل من حشوه بالحشيش.
لاحظت أن الرئيس كان ينتابه التعب بسرعة إذا تطرق الحديث إلى موضوعات تثير انفعاله، وخاصة إذا كان الحديث جادا، في الوقت الذي يكون الرئيس قد وضع نصب عينيه أن يخلق انطباعا محددا لدى محدثه وإقناعه بوجهة نظره هو. وبسبب هذا الانفعال يشعر بالإجهاد وتصبح نظرته زائغة، ويصبح الحديث خاملا. عندئذ يخرج السادات غليونه ويحشوه بالحشيش، ثم يجذب بضعة أنفاس عميقة، وما هي إلا برهة حتى تتحول الصورة. يعود الرئيس إلى نشاطه وتتلألأ عيناه ويصبح حديثه حيويا بهيجا. إنه الآن في أفضل حالاته.
ومن المعروف أيضا في مصر أنه كان محبا للشراب. عموما، فقد كان لقائي الأول بالسادات في موسكو، عندما جاء لزيارة الاتحاد السوفييتي باعتباره المبعوث الخاص لناصر ، وذلك في شتاء عام 1970م. كان ثملا للغاية في السفارة المصرية، وكان يتبادل التحية والقبلات مع كل الموجودين تقريبا بما فيهم أنا، مع أنني كنت ألتقي به للمرة الأولى. وإبان زيارته لموسكو في ربيع 1972م، راح الرئيس المنتظر «يسرف» في الشراب على مائدة الإفطار، ومن ثم كان يحاول بصعوبة الحفاظ على توازنه عند إجراء مراسم تقديم السفراء الأجانب، وهنا راح يخلط بين سفيري الهند وباكستان. كان الوضع هزليا وخصوصا أنه في هذه الفترة كانت رحى الحرب دائرة بين الهند وباكستان!
كان الكحول يساعد السادات بشكل واضح على التخلص من الضغط النفسي فيصبح أكثر صراحة وإخلاصا.
في صيف عام 1971م، سافرت في إجازة إلى الاتحاد السوفييتي، وقد صادفت إجازتي وقوع أحداث غير سارة في مصر وفي السودان على وجه الخصوص. في هذه الفترة سرت شائعات عن ظهور «سحابة» في العلاقات السوفييتية المصرية، على الرغم من أنه لم يكن هناك من جانبنا أي شيء يمكن أن يكون مسوغا لتأكيد ذلك. كانت خطوة دورية اتخذها أعداؤنا وأعداء مصر كذلك، لكن الشائعات راحت تتضخم لتبدو للرئيس كأنها هي الحقيقة؛ فتور علاقة الاتحاد السوفييتي تجاه مصر. وعلى الرغم من أن الإجازة هي مسألة روتينية، فإن الرئيس ارتاب في غياب السفير السوفييتي لدى مصر. تم إحاطة سفارتنا علما بأن الرئيس يرغب في مقابلة السفير، وتساءلوا عما يعنيه هذا الغياب الطويل للسفير، وهلم جرا، وسرعان ما تلقيت تعليمات بسرعة عودتي إلى القاهرة.
كان اللقاء الأول فور عودتي مع الرئيس بطبيعة الحال. دعاني لمقابلته في استراحته بالمعمورة بالقرب من الإسكندرية. وصلت إلى هناك في الحادية عشرة صباحا. لم أر مطلقا شخصا أكثر انشراحا منه. وعلى الرغم من ارتفاع حرارة الجو فقد أمر بتقديم الفودكا والسردين، وهنا قال لي للمرة الأولى إنه آسف لأن السفير لا يشرب؛ ولهذا سوف يفعل هو ذلك وحده. لم أشأ أن أغير من رأي الرئيس. كان يوما قائظا، أما هو فقد أكب على الزجاجة وحده. اتسم حديثنا بالصراحة وإن شابه بعض الدهاء والمراوغة التي اعتاد عليهما الرئيس . قال الرئيس إنه مستعد لأن يعطي الاتحاد السوفييتي كل شاطئ البحر المتوسط من أجل تحقيق أهدافنا المشتركة، وإنه مستعد لكذا وكذا وكذا، وهلم جرا. ثم أعرب عن عتابه على الاتحاد السوفييتي لعدم فهمه مصر وما يجري في البلاد العربية، وطرح على نحو واضح فكرته حول ضرورة أن نغير من طريقتنا بمزيد من السماحة والكرم وما إلى ذلك. كثيرا مما قاله آنذاك، خمسون بالمائة منه تقريبا، قاله، من وجهة نظري، بصراحة، عن اقتناع. أما الخمسون بالمائة الأخرى فكان حديثا منمقا بطبيعة الحال لترك انطباع قوي.
ظل الرئيس يشرب وحده حتى شعرت بالحرج وخشيت أن يقع أمر ما، حتى إنني اقترحت عليه أن أشاركه الشراب. أصبح حديثنا أكثر إمتاعا لكلينا؛ لأنه كان صريحا على نحو نادر، حتى إن الحديث امتد بنا إلى ما يزيد على أربع ساعات.
بعدما تسلمت عملي سفيرا لدى القاهرة، كان الرئيس يقول مازحا للزعماء السوفييت إن الجميع معجبون بالسفير الجديد، وإنه لا يستطيع بأي شكل أن يرضي الرئيس ويرسل إليه الفودكا على سبيل الهدية. في البداية تعاملت مع هذا الكلام باعتباره مزاحا، لكن الرئيس ما فتئ يكرر مزاحه المعاتب مرة بعد الأخرى، وعلى الرغم من أنني «حاولت»، فكنت أرسل إليه في الظروف المناسبة من زجاجتين إلى ست، فإنني عرفت من موظفينا القدامى بالسفارة أن السادات، قبل أن يصبح رئيسا، كان ضيفا بصفة غير رسمية على السفير الذي سبقني، وأن السفير كان يضطر في كثير من الأحيان أن يساعده في العودة إلى المنزل. عندئذ قررت أن أرسل له صندوقا من الفودكا، وسرعان ما توقفت «الشكوى»، بل على العكس تماما كان الرئيس يقول لي مازحا إن الأمور على خير ما يرام؛ الغليون يعمل مع الفودكا.
অজানা পৃষ্ঠা