নাসির থেকে যুদ্ধ পর্যন্ত মিশর
مصر من ناصر إلى حرب
জনগুলি
ومما لا شك فيه أن السادات شعر بتفرد وضع مصر، وخاصة أن التوصل إلى عقد اتفاق تعيد إسرائيل بمقتضاه الأراضي المصرية المحتلة في شبه جزيرة سيناء مقابل السلام كان أمرا أكثر سهولة بالنسبة لإسرائيل من إعادة حقوق الفلسطينيين، وإعطاء العرب قطاع غزة وتحرير الضفة الغربية لنهر الأردن وإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا والانسحاب من الأراضي اللبنانية. كان باستطاعة مصر دائما استعادة أراضيها مقابل الصلح المنفرد مع إسرائيل، ولكن هذا كان يعني خيانة المصالح العربية المشتركة وعلى رأسها مصالح الفلسطينيين وسوريا والأردن ولبنان. لم تراود ناصر مطلقا فكرة هذه «الإمكانية»، بينما قرر السادات أن يمضي قدما في طريق الاستفادة من ورائها. فما إن يقف على هذا الطريق، حتى يمكنه الاعتماد على دعم الولايات المتحدة الأمريكية. كان عليه فقط أن يجد الوسيلة لظهور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ظهورا «منطقيا».
كانت العلاقات المتطورة بين مصر والاتحاد السوفييتي هي التي تقف حجر عثرة أمام دعم العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. وها هو السادات، كما رأينا، يعمل على إضعاف العلاقات مع الاتحاد السوفييتي، على الرغم من ذلك أدى إلى إضعاف مصر والصف العربي بأكمله، ومن ثم فإن الاحتفاظ بالعلاقات السوفييتية المصرية ودعمها كانا ضروريين من أجل مساندة القضية العربية العادلة بوجه عام، ولصالح مواجهة ضغوط القوى الإمبريالية العالمية على الدول العربية.
تمثلت صعوبة اتخاذ الإجراءات العملية في علاقتنا بمصر في أنه كان علينا ونحن ننفذ خطنا الثابت في سياستنا الخارجية العامة أن نراعي بلباقة التأثيرات التي كانت تتعرض لها مصر والحكمة تجاه التصرفات السلبية غير اللائقة والعدائية من جانبها تجاه الاتحاد السوفييتي، والتي أصبحت أمرا مميزا لسياستها الخارجية في عهد السادات.
كانت العلاقات بيننا وبين مصر كثيفة للغاية، وهو ما شكل إحدى المهام الصعبة أمام عملنا الدبلوماسي الذي كانت السفارة السوفييتية جزءا مهما فيه. على سبيل المثال، فمنذ نهاية عام 1970م وحتى نهاية عام 1973م، زار الاتحاد السوفييتي ثمانية وفود مصرية رفيعة المستوى (ثلاثة منها كان على رأسها السادات نفسه)، بينما وصلت إلى مصر سبعة وفود سوفييتية رفيعة المستوى. وخلال هذه الفترة القصيرة تسنى لي بالمناسبة السفر من القاهرة إلى موسكو اثنتي عشرة مرة والعودة بطبيعة الحال.
بعد القرار الذي اتخذه السادات بإبعاد العسكريين السوفييت من مصر، وهو ما مثل دليلا على التحدي، سألني كثير من الرفاق فيما بعد، عندما أصبح سقوط السادات أكثر وضوحا: ألم نكن نرى وجهه الحقيقي، ألم يكن توجهه معروفا ؟ بالطبع، لكن كثيرا من التفاصيل، المهم منها تحديدا، تم إخفاؤها بإحكام ولم يتم الكشف عنها إلا مؤخرا. لكن تصوراتنا عن الخط الجديد للقيادة المصرية كانت صائبة، وهو ما أكدته الأحداث التي جرت بعد ذلك. إن سياستنا لا تقف على هذا الشخص أو ذاك، وإنما على القضية الأساسية التي نعمل من أجلها. صحيح أننا نضع في اعتبارنا خصائص الشخصيات وتوجهاتهم عند اتخاذ الإجراءات العملية، لكن هذه الإجراءات تكون موجهة بالدرجة الأولى بحيث نحافظ من خلالها على نهجنا العام، آخذين في الاعتبار الظروف الموضوعية المحددة.
لقد كان نهجنا الذي اتبعناه في الشرق الأوسط وسيبقى هو تحقيق السلام العادل لكل دول المنطقة، وهذا السلام لا يمكن تحقيقه دون عودة الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل، وضمان الحقوق المشروعة للفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في إقامة دولتهم المستقلة، وضمان أمن وسلامة شعوب ودول المنطقة جميعا، بما فيها إسرائيل. كل هذا لا يمكن تحقيقه إلا بالتخلص من تأثير القوى الإمبريالية التي تتمثل مصالحها في تحويل الشرق الأوسط إلى رأس جسر لها للاعتداء مستقبلا على استقلال الدول الأخرى؛ لكي تصبح هذه الدول ذاتها رأس جسر ضد الاتحاد السوفييتي وعلى الحدود الجنوبية القريبة من بلادنا. إن نهجنا في الشرق الأوسط قائم من أجل الصداقة مع الدول العربية وغيرها من الدول والشعوب على أساس مبدأ التعاون المشترك معها.
منذ اللحظة الأولى على تقلده سدة الحكم، وكما ذكرنا من قبل، أطلق السادات شعار: عام 1971م هو عام الحسم في الصراع العربي الإسرائيلي! كيف، ومتى، وبأي وسيلة، وعلى أي أساس؟ لم تكن هناك إجابة. «الحسم» وكفى. على الفور بات واضحا أن الأمر مجرد شعار وحسب، ومن ثم فهو غير قابل للتحقيق. فيما بعد اضطر المحيطون بالسادات إلى تقديم تفسير على النحو التالي: إن عام 1971م هو عام «الحسم» بمعني أنه ينبغي فيه اتخاذ القرار، الذي يجب اتخاذه لحسم المشكلة. لم يزد الأمر على أن يكون مراوغة لفظية. ثم جاء عام 1972م ليصبح أيضا عام «الحسم»، وهنا أسقط السادات فشله على الاتحاد السوفييتي مدعيا أنه انشغل بتقديم الدعم ... إلى الهند! ثم حل العام 1973م لتشهد كواليس الاتصالات بين السادات والأمريكيين تصاعدا محموما.
تمثل النهج الأمريكي في زيادة الضغط على مصر، أو بالأحرى على رئيسها وفي الإلحاح المستمر عليه بفكرة أن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها هي القادرة على دفع قضية التسوية في الشرق الأوسط نحو التحرك؛ أي ب «التأثير» على إسرائيل. ولكنهم راحوا يؤكدون في الوقت نفسه على أن الولايات المتحدة لن تنفذ ذلك «دون مقابل»، وأن الثمن يتلخص في تقليص، ثم القضاء الكامل على ما يعرف ب «الوجود السوفييتي» في الشرق الأوسط، وفي مصر بالدرجة الأولى، وخاصة الوجود العسكري. كان ذلك، بطبيعة الحال، مضاربة بحتة تأكدت فيما بعد. لكن هذه المضاربة كان لها التأثير الأكبر على شخص الرئيس نفسه.
في نهاية عام 1973م سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية مساعد الرئيس لشئون الأمن القومي حافظ إسماعيل، الذي أجرى عددا من اللقاءات السرية مع نيكسون وكيسينجر، وللتمويه على هذه الزيارة قام حافظ إسماعيل بزيارة لندن وموسكو. وفي زيارته لواشنطن تم الاتفاق على شيء ما.
وبحلول مايو عام 1973م قام السادات بتركيز كل السلطات الممكنة في يديه. لم يكتف بأن يكون رئيسا له كل الصلاحيات، وإنما شغل أيضا مناصب رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الاتحاد الاشتراكي العربي، ولقب آخر هو الحاكم العسكري الأعلى. لا أظن أنه في تاريخ مصر الحديث والقديم كان هناك من تجمعت لديه كل هذه السلطات القوية.
অজানা পৃষ্ঠা