মিসর খেদিভি ইসমাইল
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
জনগুলি
فلما جاء دورهم في المقابلات، دخل الشيخ العروسي أولا، فالشيخ السقاء بعده، فالشيخ عليش، وفعل كل منهم ما علمه القاضي أن يفعل.
وكان (إسماعيل) واقفا وراء السلطان بمسافة، وعينه تراقب كل حركاتهم، فأعجب من إتقانهم الدرس الذي ألقي عليهم إتقانا محكما.
فلما أتى دور الشيخ العدوي، دخل هذا الأستاذ الفاضل، وانحنى عند الباب كزملائه؛ ثم أسرع، بعد ذلك، نحو السلطان بمشيته الاعتيادية، ولم يعاود الانحناء ولا التسليم فبدأ قلب (إسماعيل) يخفق - ثم تقدم بقدم ثابتة حتى وصل إلى الحاجز، وجاوزه، وصعد إلى المنصة، التي كان السلطان واقفا عليها - وقلب إسماعيل يجف ونظر إليه بعين ثابتة وقال: «السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله»، فوثب قلب (إسماعيل) في صدره، ولولا مهابة السلطان لركل الرجل وأخرجه.
ولكن السلطان ابتسم ابتسامة لطيفة، ورد على الشيخ العدوي تحيته وأحسن منها، وانحنى أمامه انحناء خفيفا.
فخاطبه الشيخ فيما يجب على السلطان نحو رعاياه، بصفته كبير الحكام؛ لأن الحكام خلفاء الأنبياء في الناس؛ وفيما يجب على أمير المؤمنين، بصفته خليفة الرسول، نحو المؤمنين؛ وهول في المسئولية الملقاة على عبد العزيز؛ وأكد له أن ثوابه عند الله سيكون بمقدار ثقل المسئولية، وحسن نفاذه فيها؛ كما أن عقابه عند الله تعالى سيكون على قدر إهماله واجباتها.
فامتقع لون (إسماعيل)، ولعن الساعة التي اختار فيها ذلك الشيخ الأبله، ومن أشار عليه به، وأخذ يحسب لغضب السلطان ألف حساب.
ولكنه لم ير على وجه السطان علامات الغضب مطلقا، بل وجد ملامح عبد العزيز مرتاحة إلى كلام ذلك الأستاذ؛ لا سيما أنه لم يفهم منه شيئا لجهله اللغة العربية.
أما العدوي فلما فرغ من خطبته، ختمها بالسلام الذي بدأها به ثم انحنى أمام السلطان، وأقفل خارجا بوجهه لا بظهره كسابقيه، وسبحته بيده فوجد هؤلاء في انتظاره على الباب يلومونه على فعلته التي كانت على زعمهم «قذى في العيون».
فقال لهم: «أما أنا فقد قابلت أمير المؤمنين، وأما أنتم فكأنكم قابلتم صنما، وكأنكم عبدتم وثنا».
ثم سأل السلطان عبد العزيز (إسماعيل): «من الشيخ؟» فأجابه: «هذا شيخ من أفاضل العلماء، ولكنه مجذوب، وأستميح جلالتكم عفوا عن سقطته»، فقال السلطان «كلا. بل إني لم أنشرح لمقابلة أحد انشراحي إلى مقابلته» وأمر للشيخ العدوي بخلعة سنية وألف جنيه.
অজানা পৃষ্ঠা