399

মিসর খেদিভি ইসমাইল

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

জনগুলি

فما وسع الوزير إزاء ذلك جميعه إلا إبداء استغرابه واستعجابه اللذيذين، وبعد ما كان يتصيد المشترين والنقود، أصبح المشترون يهرولون إليه، والمال يتدفق نحوه. وأذاعت الجرائد اليومية إذ ذاك أنه رأى نفسه مضطرا ذات مرة إلى رفض اقتراح إبدال عدة أذونات تستحق بعد ثلاث سنوات بفائدة قدرها 12٪، بعدة ملايين من الجنيهات.

وأصبحت مصر مرمى أنظار المطامع المتقدة في الدوائر المالية في الأستانة وباريس، وبلغ من تلك الدوائر أنها أرسلت مندوبين من قبلها إلى الخديو لتخابره في عقد قروض جديدة، ولكن الخديو أبى الدخول في عملية مالية من ذلك النوع لاعتقاده أن البلاد غير محتاجة إليها، والوزير عينه أصم أذنيه لوقع كل اقتراح، مدعيا أنه لا يستطيع البت في أي طلب من الطلبات المقدمة إليه، حتى يتضح له مبلغ ما حصل من اكتتابات الروزنامة، فبقيت عدة مئات من آلاف الجنيهات في أيدي أصحابها الممولين بدون استثمار.

غير أنها لم تبق طويلا، وما لبث الوزير أن عاد إلى عبثه بالمالية المصرية.

ففي أوائل فبراير سنة 1875 اتفق على عملية قدر قيمتها مليونان ونصف من الجنيهات على أذونات تستحق الدفع بعد ثلاثة أشهر بفوائد 12٪ في السنة، ثم بعد أيام قليلة ذاع في الملأ نبأ اتفاقه على عملية أخرى قيمتها خمسة ملايين جنيه بفائدة قدرها 12٪، تدفع ما بين أول أبريل وأول أغسطس بدل حوالات تستحق ما بين أول فبراير سنة 1876 وأول يناير سنة 1877، ويجب دفع قيمتها في لندن، وتلا هذه العملية عملية أخرى قيمتها ثلاثة ملايين، صدرت حوالات دائرة سنية بضمانة المالية.

فما تمت هاتان العمليتان إلا وارتج الرأي العام بأوروبا، لا سيما بلندن، ارتجاجا أليما، ولكن موقف سوق باريس وعطفها على الأوراق المالية المصرية أزال ذلك الارتجاج، فعادت الحال إلى ما كانت عليه من ثقة ثابتة، ونقود غزيرة، وعاد الاطمئنان إلى القلوب.

غير أن نشوء الخلاف بين الباب العالي والجبل الأسود، وقضية فلپار التي أزعجت الأسواق برهة، ونزول الأوراق المالية التركية المستمر، ومشكلة الهرسك - هذه جميعها ما لبثت أن عكرت صفاء الجو، وزادته تعكيرا الحالة المالية في تركيا، بالرغم من المجهودات التي بذلتها بعض الجرائد، لتبرهن على عدم وجود تضامن ولا ارتباط بين ماليتي مصر وتركيا، ولا وجه للمقارنة بينهما.

وبينما تشتد قلة النقود بالإسكندرية، أخذت أنباء أوروبا تزداد سوادا، فالأزمة ازدادت حرجا في الهرسك، والضيق المالي وارتفاع الخصم بلغا أشدهما في فرنكفورت وبرلين، وطلبات النقود توالت بكثرة غير معتادة في أسواق لندن، والعلائق السياسية توترت بين لندن وپيكين.

فقلقت الأفكار، وسقطت القلوب.

وإذا بإشارة برقية وردت في مساء 7 أكتوبر إلى البورصة، تنبئ بأن الباب العالي، ابتداء من أول يناير سنة 1876، سيدفع فوائد ديونه النصف نقدا، والنصف الثاني سندات تحمل فوائد قدرها 5٪.

فأبى الناس في الأول تصديق ذلك النبأ، لاستبعادهم اهتمام رجال الأستانة بما توجبه تعهداتهم ثلاثة أشهر مقدما، ولكن الخبر ما فتئ أن أكد، وأعلن رسميا.

অজানা পৃষ্ঠা