মিসর ফি থুলথাই ক্বার্ন
مصر في ثلثي قرن
জনগুলি
يحمل الزمن أعلام التجارة المصرية، ولكل عصر من عصوره التي مرت بمصر علم خافق.
إن التاريخ مرآة الماضي، والناس ينظرون في هذه المرآة صورة تنبئ باليد التي طوقت بها تجارة مصر أعناق الشعوب، ولكن هذا التاريخ سيقف مرعوش اليد حين يكتب صفحة التجارة المصرية في ثلث القرن الأخير، لا يدري أيصل حاضرها بماضيها وهو لا يتصل، أم يعزله عنه فيشين كتابه الأبيض بصفحة سوداء؟
تستمد تجارة الأمة قوتها وسعة انتشارها من نماء المنتجات، لا فرق في ذلك بين ما تنتجه الأرض وما تنتجه الصناعة.
وإن شواهد الحاضر الذي تغامر فيه الأمم العاملة والحكومات المخلصة لتدل على أن أية أمة لم تكن تبني مجد تجارتها إلا بهذه الشواهد.
يجتهد كل شعب، أو تجتهد الحكومات المخلصة لشعوبها لتحرز السبق في عدة أشياء لا بد منها لإحراز النصر في معركة الأسواق، فالبلاد التي تخرج أجود الحاصلات من أرضها وصناعتها، والتي تعرف كيف ترى الأذواق وإلى أين تتجه، والتي تجمع بين الاتقان والجمال ومطابقة الأذواق مع إدراك الحيلة لجعل النفقة أقل ما تكون بالقياس إلى غيرها، البلاد التي تفعل ذلك هي بلاد الأمة التي تنزل تجارتها من الأسواق أرفع منزلة، وتنال من الربح أوفر نصيب، وتبلغ من شيوع الذكر وسعة الانتشار ما يسير كالطير في جوه، كل شعب عامل عرف ذلك قديما وحديثا وسعى ليستأثر به دون سواه، وقد كان الشعب المصري كذلك أيام كان قدوة الشعوب في الثروة والحضارة والقوة والمجد، فهل له اليوم هذه المنزلة؟ كلا، فقد ضاعت وصار إلى منزلة البوار فأصبح عالة، تجارته من يد الغير وبيد الغير، وحاجاته التجارية من عند الغير، حتى لو أن هذا الغير أبى عليه مادة التجارة، لما رأيت في مصر تاجرا وطنيا.
كلما كانت صناعة الأمة راقية، متمشية مع روح العصر، قائمة على أساس صحيح من الوسائل العملية، وكلما كانت زراعة الأمة نامية، جيدة الثمرة، كثيرة الأنواع؛ كانت تجارتها عظيمة رائجة، وقد رأينا كيف أصيبت الزراعة والصناعة في مصر، فليس عندنا من غلات الأرض ما ندخل به أسواق العالم إلا القطن، وهو مع ذلك محمول على قيود، بعضها يجذبه من منزلته العالية إلى الأسفل، وبعضها يختص غير المصريين بربحه العظيم ولا يترك لهم إلا بقايا قد لا يقنع بها المنتج غير التاجر.
قالت لجنة التجارة والصناعة: «إن مكانتنا الاقتصادية ترتكز على محصول زراعي واحد وهو القطن، وفضلا عن ذلك فهذا المحصول معرض من حيث قيمته وكميته لتقلبات أشد وأعظم مما يصيب سائر المحصولات المعادلة له في الأهمية».
وإذا سألت عن غير القطن فقل: أين غلات الأرض المصرية وهي التي تنبت كل شيء وينضر فيها كل نبات؟ أين أزواج الفاكهة من كل صنف وخزائن الغلات من كل نوع؟ أين البقول والألياف؟ وأين خشب الغابات؟ أين ما يتبع نماء الزراعة وسعة الأرض من تربية الماشية والطيور؟ وأين أوبارها وأصوافها وألبانها وزبدها وسمنها وعسلها؟ كل ذلك شيء لا أثر له في تجارة مصر، وقد كان من خصائصها، وكانت تفيض به على العالم أجمع.
إذا لم تكن صناعة ولا زراعة، ولا عمل للانتفاع بمزايا الأرض والحيوان، فأي شيء تستمد التجارة منه قوتها وتعتمد عليه في انتشارها؟
ليس هذا وحده هو الذي نسخ ظل التجارة المصرية من أسواق العالم بعد أن كانت ملئها، فإن هناك شيئا آخر، هو عدم العناية بمعادن مصر ودفائنها من جامد وسائل، وقد كانوا يقولون سترا على وصمة الإهمال إن القطر المصري ليس من الأقطار التي استودعتها الطبيعة كنوزها المدفونة، غير أن التاريخ كان يصيح من جانب الصدق بأنه قول زور، واليوم أقامت «لجنة التجارة والصناعة» البرهان الرسمي على كذب هذا القول الذي كان شبه رسمي، قالت اللجنة: «كان المصريون يمارسون صناعة التعدين وسبك المعادن بدليل وجود الكثير من الآلات الزراعية المصنوعة من النحاس والتماثيل المصبوبة من البرونز والحديد».
অজানা পৃষ্ঠা