১৯ শতকের শুরুতে মিশর (১৮০১-১৮১১) (প্রথম খণ্ড)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
জনগুলি
ووجد محمد علي المسوغ لانتقاضه على البكوات وفصم عرا محالفته معهم عندما قال «لماثيو لسبس» - وأبلغ «لسبس» ذلك إلى حكومته في 5 مارس 1804 - «كيف يمكنني الاعتماد على هؤلاء البكوات؟ لقد ارتكبوا جرما لا يغتفر هو أشد ما يمكن أن يحدث فظاعة وبشاعة، عندما غدروا بأخيهم ورفيقهم وصديقهم «محمد الألفي»، ونحن أعداؤهم الطبيعيون، فماذا ننتظر منهم؟»
واعتمد محمد علي في تدبير انقلابه على الأرنئود الذين تحت زعامته، كما وجد في تذمر المشايخ والقاهريين من البكوات وسخطهم عليهم لمظالمهم فرصة مواتية لزيادة متاعب البكوات وإرباكهم بتحريض المشايخ والرؤساء الشعبيين على الثورة عليهم، وكان ذلك كله سهلا ميسورا بسبب عجز البكوات عن دفع مرتبات الجند، وبسبب لجوء البكوات لفرض الإتاوات والمغارم على الأهلين لدفع هذه المرتبات ذاتها.
ولا جدال في أن «محمد علي» كان هو بنفسه محرك الثورة التي بلغت ذروتها في القاهرة بين 8 و13 مارس وأنهت حكومة البكوات في مصر وقضت قضاء مبرما على كل أمل في استرجاع سلطانهم السابق، بالرغم من كل المحاولات التي قاموا بها لاسترداد هذا السلطان المفقود بعد ذلك.
وكان مما ساعده في خطته، أن عثمان البرديسي ظل يثق في صداقته وولائه له ويستمع لنصحه حتى اللحظة الأخيرة، كما حرص محمد علي منذ أن صح عزمه على تدبير هذا الانقلاب، على أن يظهر دائما بمظهر من يريد مواساة القاهريين في محنتهم التي سببتها مظالم البكوات، وأن ينشئ صلاته بالمشايخ ويعمل على توثيقها.
وكان أول اضطراب كبير أحدثه الأرنئود بسبب مرتباتهم المتأخرة في 27 يناير 1804، ذكر «لسبس» حوادثه مفصلة في رسالته التي أشرنا إليها سابقا (5 مارس)، فقال: إن الأرنئود احتشدوا أمام بيوت رؤسائهم: محمد علي وأحمد بك وحسن بك، وحبسوهم بها «وأعلنوا عزمهم على ذبحهم إذا لم تدفع لهم مرتباتهم»، وكذلك حاصر الأرنئود الحي الذي به منزل عثمان بك البرديسي، فاضطر هذا لدفع جزء من هذه المرتبات للجند ووعد بأن يدفع بعد عشرين يوما مرتبات شهرين، ثم بعد أربعين يوما دفعة أخرى بشريطة تنازل العسكر عن باقي المتأخر من رواتبهم، ووافق ضباط الأرنئود على هذا الحل، ولكنها - كما قال «لسبس» - «كانت موافقة في الظاهر فقط، واستمر مرجل الاضطراب يغلي من الباطن، وأغلقت الأحياء وأغلق الأهلون بيوتهم على أنفسهم، وظل التعدي على الناس في تطرفه، وتوقع الجميع نهب المدينة.»
واستمرت الاضطرابات في القاهرة، وتجدد تمرد الأرنئود على البكوات عندما طلب البرديسي منهم في أواخر فبراير السير إلى الفيوم لمطاردة أتباع الألفي الذين اجتمعوا بها، وأصدر زعماء الأرنئود أمرهم إلى جندهم بذلك، ولكن هؤلاء - كما ذكر «مسيت» في رسالة له إلى «هوبارت» من الإسكندرية في 6 مارس - سرعان ما حاصروا منازل قوادهم «وكان موجودا بأحدها - بوجه الصدفة - عثمان بك البرديسي، وأظهر الأرنئود تصميمهم على أن يلزموه بالبقاء في هذا المنزل محاصرا حتى ينالوا مرتباتهم، ثم هددوا بنهب القاهرة» إذا ظل البرديسي لا يدفع لهم هذه المرتبات.
وسلك محمد علي في أثناء الأزمات التي أثارها الجنود الأرنئود مسلك من يريد التهدئة والتسكين، وقام دائما بدور الوسيط بين الجند والبكوات، بل إنه في سبيل حسم الخلاف بين الفريقين لم يتردد عن الذهاب مع الأرنئود الذين قصدوا البرديسي في بيته في 24 فبراير يطالبونه بدفع مرتباتهم، وأتيحت لمحمد علي الفرصة حتى يظهر بمظهر من لا حيلة له ولا قوة إزاء إصرار الجند على نوال حقهم، وأنه مرغم على الانصياع لهم ولا سلطان له عليهم في هذه المسألة، مشيرا على البرديسي في الوقت نفسه لتهدئة الجند بضرورة طرق كل سبيل لجمع اللازم لدفع مرتباتهم.
فكان لدفع هذه المرتبات أن فرض البرديسي - أو حكومة البكوات - تلك الإتاوات على التجار والرعايا والمحميين الأجانب - التي سبقت الإشارة إليها - وقد أرغم «روشتي» على إقراض البكوات 25000 قرش بهذه المناسبة، ولكن ما جمعه البكوات من طريق القروض أو المصادرة والمغارم لم يكف لدفع مرتبات الجند عندما بلغ المطلوب 3700 كيس، على نحو ما ذكر «روشتي» نفسه بوصفه قنصل روسيا العام في مصر للمبعوث الروسي في القسطنطينية «ديتالنسكي»
D’Italinsky
في 12 مارس 1804.
অজানা পৃষ্ঠা